أعلن حزب العمال البريطانية، الخميس، فوزه الكاسح في الانتخابات التشريعية البريطانية، مما ياهل زعيم الحزب المحامي السابق كير ستارمر، المرشح الأول لتولي رئاسة الوزراء بعد 14 عامًا من سيطرة المحافظين على السلطة.
ومن المقرر أن يكلف الملك تشارلز الثالث كير ستارمر، وهو محام سابق متخصص في مجال حقوق الإنسان ويبلغ من العمر 61 عاما، تشكيل الحكومة الجديدة.
وساهمت الأزمات في بريطانيا، منذ خروجها من الاتحاد الأوروبي “بريكسيت” في ديسمبر/كانون الأول، وإدارة جائحة كوفيد-19، فضلا عن ارتفاع الأسعار ومستويات الفقر العالية والنظام الصحي العام المتهالك والتغيير المستمر لرؤساء الحكومة، عوامل في فوز حزب العمال وتراجع حزب المحافظين.
ويعتبر كير ستارمر شخصية غير نمطية في السياسة البريطانية، حيث يعرف نفسه كشخص مختلف عن رؤساء الوزراء السابقية، وقدرته على التقدم بخطى أكثر تمهلًا وحذرًا.
ويتبنى المحامي الشهير العديد من القضايا فيما يتعلق بالاتحاد الأوروبي وقضايا العمل التي تراجع فيها عن موقف الحزب المعروف من الدعم المطلق إلى الدعم المشروط للعمال وأيضًا تبني خطاب داعم لرجال الأعمال كما غير موقف حزبه من القضية الفلسطينية.
تولى ستارمر قيادة “العمال” خلفا للاشتراكي جيريمي كوربين بعد أن تعرض الحزب في 2019 لأسوأ هزيمة له منذ 84 عاما، وركز في تسليط الضوء على أصوله المتواضعة لإظهار مدى اختلافه عن نظرائه في المشهد السياسي.
فوالدته ممرضة مصابة بداء التهاب المفاصل ما يمنعها من التنقل، ووالده صانع أدوات، وهو ما يتناقض مع خصمه المحافظ ريشي سوناك، وهو مليونير وابن مهاجرين من أصل هندي.
في المقابل، نشأ كير ستارمر بمنزل صغير في لندن، ودرس القانون في جامعة ليدز قبل أن ينتقل إلى أكسفورد.
وحرص على نشر خطاباته التي تظهر أصوله للتقرب من الناخبين، حيث قال في فيديو نشره في حساب حزبه على فيس بوك: “كان والدي صانع أدوات ووالدتي ممرضة”، وأطلق عليه والديه اسمه تكريما لمؤسس “حزب العمال” كير هاردي، حيث أن كلاهما أصلا من الناشطين العماليين المتحمسين.
وبعد حصوله على شهادة المحاماة، تخصص ستارمر في الدفاع عن حقوق الإنسان، ونشط لعدة سنوات في الدفاع عن النقابات ومكافحة عقوبة الإعدام، من ثمة، دافع عن المحكوم عليهم بالإعدام في جزر الكاريبي وكذا المعركة ضد ماكدونالدز في قضية وضعت عملاق الوجبات السريعة الأمريكي بمواجهة المدافعين عن البيئة.
وفي 2008، أصبح مدع عام لإنكلترا وويلز، وأشرف من خلال هذا المنصب على ملاحقات قضائية طالت نوابا متهمين بالاختلاس وحتى صحافيين متهمين بالتنصت على الهواتف، وحاز على وسام “الفارس” في 2014 من الملكة إليزابيث الثانية تكريما لمسيرته القانونية الطويلة.
تعهد ستارمر بقيادة إدارة صارمة للغاية للإنفاق العام، من دون زيادة الضرائب، وهو يعوّل في هذا الإطار على استعادة الاستقرار والتدخلات من الدولة واستثمارات في البنية التحتية لإنعاش النمو، ما من شأنه تصحيح وضع المرافق العامة التي تراجع أداؤها منذ إجراءات التقشّف في أوائل 2010.
كما يريد أن يظهر حازما في قضايا الهجرة وأن يقترب من الاتحاد الأوروبي، لكن بدون الانضمام إليه، محذرا في المقابل من أنه لا يملك “عصا سحرية”.