رئيسيشؤون دولية

العلاقات الوثيقة بين طالبان والإمارات تشير إلى انقسام عالمي بشأن النظام الأفغاني

حققت حركة طالبان في أفغانستان سلسلة من الانتصارات الدبلوماسية في الأسابيع الأخيرة، حيث أن قبول الإمارات العربية المتحدة لسفيرها كشف عن انقسام عالمي حول كيفية التعامل مع النظام المتشدد بحسب صحيفة فايننشال تايمز الأمريكية.

وانضمت الإمارات إلى عدد صغير ولكن متزايد من القوى الإقليمية التي تبني علاقات مع طالبان رغم الجهود الغربية لعزل الجماعة الإسلامية خلال السنوات الثلاث منذ الإطاحة بحكومة أفغانستان المدعومة من الناتو.

ففي الشهر الماضي، قبلت كازاخستان قائمًا بالأعمال تعينه طالبان، بينما زار رئيس وزراء أوزبكستان كابول في أعلى مستوى من الزيارات الخارجية للبلاد منذ استيلاء طالبان على الحكم.

وقال حسن الحسن، زميل بارز في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية في البحرين: “طالبان متعطشة للانخراط الدولي والاعتراف بها”. وأضاف أن قرار الإمارات بالانخراط “يحمل وزناً كبيراً” مع طالبان.

فرضت الولايات المتحدة ودول غربية أخرى عقوبات وسعت لمعاقبة طالبان بسبب قمعها لحقوق المرأة، وسط مخاوف من أنها تؤوي متطرفين.

لكن القوى في الشرق الأوسط وآسيا ترى بشكل متزايد أن الانخراط مع طالبان أصبح ضرورة عملية، وفقًا للمحللين. ورغم أنه لم يعترف أي بلد رسميًا بحكومة طالبان، فإن الجماعة الإسلامية تقول إنها تمتلك دبلوماسيين في نحو عشرة بلدان، بما في ذلك الصين وروسيا والسعودية وقطر.

كما أقامت دول أخرى، بما فيها الهند، علاقات محدودة مع النظام في كابول.

وقال كبير تانيجا، زميل في مؤسسة أبحاث المراقبة في نيودلهي، إن جيران أفغانستان “يتحركون لضمان أن لا يمتد عدم الاستقرار عبر المنطقة”، مضيفاً: “لحسن الحظ أو لسوء الحظ، الجهة الوحيدة التي تساعد في ذلك هي طالبان”.

وتابع قائلاً: “قد لا تكون طالبان أكثر الدبلوماسيين مهارة، لكنها استطاعت الاستفادة من الوضع العالمي”.

وقال مسؤول إماراتي إن قرار قبول سفير طالبان سيساعد في بناء “جسور لمساعدة الشعب الأفغاني”. وأضاف المسؤول أن هذا يشمل تقديم المساعدات ودعم الجهود التي تسعى لتحقيق التهدئة والاستقرار الإقليمي.

يوفر القبول الإقليمي المتزايد فرصًا تجارية واستثمارية لطالبان في وقت تواجه فيه البلاد التي يبلغ عدد سكانها 40 مليون نسمة أزمة اقتصادية وإنسانية.

وقد حصلت شركات من دول مجاورة على صفقات لبناء بنية تحتية في أفغانستان، التي تقع في موقع استراتيجي بين طرق التجارة في وسط وجنوب آسيا.

وأصدرت طالبان عشرات العقود لاستغلال الثروة المعدنية غير المستغلة في البلاد، والتي تقدر قيمتها بنحو تريليون دولار، وتشمل احتياطيات من النحاس والليثيوم.

وذهبت بعض هذه العقود لمستثمرين من إيران وتركيا والصين، التي تعهدت أيضًا بإدراج أفغانستان في مبادرة الحزام والطريق للبنية التحتية.

وفي عام 2022، فازت شركة من أبوظبي بعقود لإدارة مطارات أفغانستان، متفوقة على ائتلاف قطري-تركي، وتوجد الآن رحلات منتظمة بين كابول والإمارات.

وقال غراهام سميث، مستشار بارز في مجموعة الأزمات: “أسمع مسؤولين إقليميين يقولون أشياء مثل: ‘العالم يتغير، ولم يعد الأمريكيون يتحكمون في كل شيء’”. وأضاف: “أفغانستان هي رمز لذلك بالنسبة لهذه القوى المتوسطة”.

وسعت طالبان لتبديد المخاوف الدولية بشأن حكمها، قائلة إنها منفتحة على الانخراط والاستثمار. وقال سهيل شاهين، رئيس المكتب السياسي لطالبان في قطر، لصحيفة فاينانشال تايمز: “سياستنا هي أن تكون لدينا علاقات جيدة مع الجميع”.

وبعد فترة قصيرة من توليها السلطة، تعهدت طالبان بالقطع مع الممارسات التي جعلت حكمها الأول في التسعينيات سيئ السمعة، بما في ذلك حظر تعليم الفتيات واستضافة متطرفين مثل زعيم القاعدة أسامة بن لادن، الذي لعب دوراً في تخطيط هجمات 11 سبتمبر من أفغانستان، وهو ما دفع إلى الغزو الذي قادته الناتو في عام 2001.

لكن طالبان عادت مجددًا إلى حظر تعليم الفتيات، كما عاش خليفة بن لادن أيمن الظواهري في وسط كابول حتى مقتله في ضربة بطائرة أمريكية بدون طيار في عام 2022. وفي الشهر الماضي، أقرت طالبان قانونًا يحظر على النساء إظهار وجوههن والتحدث في الأماكن العامة.

وبالنسبة لمعظم الحكومات في أمريكا الشمالية وأوروبا، ألغت هذه التطورات إلى حد كبير الآمال في انخراط ذي معنى مع طالبان. فقد رحلت ألمانيا، التي لا تربطها علاقات دبلوماسية مع طالبان، الأسبوع الماضي 28 مجرمًا أفغانيًا مدانين إلى بلادهم لأول مرة.

ويقول البعض في المنطقة إن العزلة والعقوبات تفاقمان الأزمة الإنسانية التي تزيد من معاناة النساء الأفغانيات ولا تعطي طالبان حافزًا يذكر للتغيير. وقال دبلوماسي: “النهج الأمريكي تجاه أفغانستان هو “اجعلها خارج الأخبار، لقد كانت مصدر إحراج لمدة 20 عامًا”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى