تحت قيادة أورسولا فون دير لاين، رئيسة المفوضية الأوروبية، تعمل أوروبا على تعزيز مكانتها في الساحة الرقمية العالمية من خلال مجموعة من الإصلاحات والسياسات التكنولوجية. منذ توليها المنصب، جعلت فون دير لاين من التحول الرقمي أحد أهم أولوياتها، حيث تسعى إلى جعل الاتحاد الأوروبي أكثر تنافسية في مجالات التكنولوجيا والابتكار الرقمي، ومواجهة الهيمنة التكنولوجية لكل من الولايات المتحدة والصين.
من أبرز الخطوات التي اتخذتها فون دير لاين هي تعزيز قوانين حماية البيانات الشخصية، حيث قادت الاتحاد الأوروبي ليصبح نموذجًا يحتذى به في تنظيم استخدام البيانات. يشير المقال إلى أن هذا القانون المعروف بـ “اللائحة العامة لحماية البيانات” (GDPR)، يعتبر حجر الزاوية في جهود فون دير لاين لتعزيز سيادة أوروبا الرقمية. ويأتي ذلك ضمن استراتيجيتها لجعل التكنولوجيا أداة لخدمة المواطنين، مع ضمان حماية خصوصيتهم وحقوقهم الرقمية.
لكن التحدي الأكبر الذي يواجهه الاتحاد الأوروبي هو التوازن بين تشجيع الابتكار التكنولوجي وبين فرض القيود التنظيمية على شركات التكنولوجيا الكبرى. من خلال سياسات مكافحة الاحتكار، تحاول المفوضية بقيادة فون دير لاين الحد من هيمنة الشركات العملاقة مثل جوجل، أمازون، وفيسبوك على السوق الأوروبية. تسعى هذه السياسات إلى تحقيق بيئة تنافسية عادلة، تتيح للشركات الناشئة والمبتكرين الصغار فرصة النمو والمنافسة.
إلى جانب هذه السياسات، تعمل فون دير لاين على تعزيز قدرات أوروبا التكنولوجية الذاتية، حيث تسعى إلى تقليل اعتماد الاتحاد الأوروبي على التكنولوجيا المستوردة من الولايات المتحدة والصين. وتبذل جهودًا لتطوير بنية تحتية رقمية أوروبية قوية، بما في ذلك شبكات الجيل الخامس (5G)، والذكاء الاصطناعي، والحوسبة السحابية.
المقال يشير أيضًا إلى أهمية التعاون بين الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي لتنفيذ رؤية فون دير لاين للتحول الرقمي. تسعى رئيسة المفوضية إلى تشجيع الاستثمار في التكنولوجيا والابتكار داخل القارة الأوروبية، وذلك من خلال دعم الشركات الناشئة وتطوير المهارات الرقمية للقوى العاملة. يشمل هذا الدعم تقديم تمويل مباشر وتوفير بيئة تنظيمية مواتية للشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم.
على الرغم من كل هذه الجهود، تواجه فون دير لاين تحديات كبيرة، خاصة في ما يتعلق بالمنافسة الشديدة مع الولايات المتحدة والصين، اللتين تستثمران بشكل مكثف في مجالات التكنولوجيا المتقدمة. يُعد الحفاظ على سيادة أوروبا الرقمية مع تشجيع الابتكار المحلي هدفًا استراتيجيًا، لكن الأمر يتطلب تعاونًا وثيقًا بين الحكومات الأوروبية والمفوضية لضمان نجاح هذه المبادرات.
في نهاية المطاف، يشير المقال إلى أن فون دير لاين تضع أوروبا على مسار التحول الرقمي، وتسعى إلى بناء مستقبل تكنولوجي مستدام يعزز حقوق المواطنين، ويضمن قدرة أوروبا على المنافسة في الاقتصاد الرقمي العالمي.