رئيسيشئون أوروبية

دعوات متزايدة لإصلاح شامل لسياسات مكافحة التطرف في بريطانيا

تصاعدت في الآونة الأخيرة الدعوات لإصلاح سياسات الحكومة البريطانية لمكافحة التطرف، لا سيما برنامج “بريفنت” الذي يهدف إلى مواجهة التطرف العنيف. هذا البرنامج، الذي طُبق على مدى سنوات، يواجه الآن انتقادات حادة من قبل منظمات حقوق الإنسان والهيئات المدنية المختلفة، والتي ترى أنه يساهم في تهميش بعض المجتمعات، خاصة الجالية المسلمة، ويعمّق فجوة الثقة بين هذه المجتمعات والحكومة.

“بريفنت” هو أحد مكونات استراتيجية مكافحة الإرهاب التي تتبعها الحكومة البريطانية، ويهدف إلى تحديد الأفراد الذين قد يكونون عرضة للتطرف وتقديم الدعم لهم قبل أن يتورطوا في أعمال عنف أو إرهاب. لكن رغم هذه الأهداف المعلنة، يشعر العديد من المواطنين والمنظمات بأن البرنامج يتسم بطابع استباقي غير عادل ويستهدف بشكل خاص المسلمين، مما يجعلهم يشعرون بأنهم تحت الرقابة المستمرة.

النقاد يرون أن البرنامج يؤدي إلى تنميط المجتمعات المسلمة، حيث يُستخدم لتوجيه الاتهامات دون أدلة واضحة، ويضع الأفراد تحت المراقبة لمجرد ممارستهم أنشطة دينية أو اجتماعية عادية. كما أن البرنامج يشمل المدارس، المستشفيات، والمؤسسات العامة، حيث يُطلب من العاملين فيها الإبلاغ عن أي سلوك يُعتبر مريبًا، وهو ما يزيد من مخاوف المجتمعات المستهدفة بأن يتم النظر إليهم بعين الريبة بسبب معتقداتهم أو خلفياتهم الثقافية.

واحدة من القضايا الرئيسية التي أُثيرت حول البرنامج هي عدم وجود الشفافية في كيفية تطبيقه. فقد تزايدت المطالب من داخل وخارج الحكومة بإجراء مراجعة شاملة لكيفية عمل “بريفنت”، مع دعوات لإدخال تحسينات تجعله أكثر عدلاً وشفافية. العديد من المنظمات الحقوقية تطالب بتطبيق نهج أكثر شمولية يشمل تعزيز العلاقات بين المجتمعات والحكومة، بدلاً من تعزيز انعدام الثقة والتمييز.

إلى جانب ذلك، يعاني البرنامج من انتقادات تتعلق بضعف فعاليته في تحقيق أهدافه المعلنة. فبدلاً من منع التطرف، يرى البعض أن “بريفنت” قد يكون في الواقع دافعًا لمزيد من التطرف، حيث يشعر الأفراد الذين يُستهدفون أنهم مهمشون ومستبعدون من المجتمع. وبذلك، يمكن أن يتسبب البرنامج في نتائج عكسية بدلاً من معالجة جذور المشكلة.

في هذا السياق، تتزايد الدعوات لتطوير سياسات جديدة تقوم على فهم أعمق للجذور الاجتماعية والاقتصادية للتطرف. العديد من النقاد يعتقدون أن النهج الحالي لا يعالج المشاكل البنيوية التي تؤدي إلى التطرف، مثل الفقر، التهميش، وقلة الفرص الاقتصادية. بدلاً من ذلك، يجب على الحكومة العمل على تعزيز الشمول الاجتماعي والاقتصادي، وتحسين التعليم والخدمات الاجتماعية في المجتمعات الأكثر تأثرًا، مما قد يسهم في تقليل مخاطر التطرف على المدى الطويل.

إلى جانب ذلك، من الضروري أن تتم مراجعة “بريفنت” من منظور حقوق الإنسان، حيث يجب أن يتم ضمان حماية الحريات المدنية وحقوق الأفراد أثناء تنفيذ السياسات المتعلقة بمكافحة التطرف. هذا يتطلب تعاونًا أكبر بين الحكومة والمجتمعات المستهدفة لضمان تطبيق سياسات فعالة وعادلة في الوقت ذاته.

في النهاية، يشير النقاد إلى أن الحكومة البريطانية بحاجة إلى إعادة تقييم نهجها في مكافحة التطرف. برنامج “بريفنت” كما هو مطبق حاليًا قد يكون بحاجة إلى إصلاح جذري لضمان تحقيق الأهداف المرجوة دون التسبب في مزيد من التوتر الاجتماعي أو التمييز ضد فئات معينة من المجتمع.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى