قالت شبكة “سي إن إن” الأمريكية، إنه بينما يرسل قادة العالم رسائل تهنئة للرئيس المنتخب دونالد ترامب، يعمل مساعدوهم بجد على كيفية ترتيب لقاءات محتملة مع ترامب في الأشهر المقبلة، حسبما أوضحت مصادر متعددة مطلعة على الجهود الأولية للتخطيط.
ونقلت الشبطة عن مصادر بأن قادة العالم منفتحون على جميع الخيارات، بما في ذلك القيام برحلات إلى نيويورك أو مارالاغو. الكثير منهم يتطلعون إلى عقد لقاءات قبل تنصيب ترامب في يناير.
ومع ذلك، لم يتم وضع أي خطط واضحة حتى الآن للقاءات المحتملة. وفي الوقت الحالي، ينتظر هؤلاء القادة ردًا من ترامب وفريقه بعد إرسالهم رسائل التهنئة، وهم أيضًا يحاولون التواصل مع المقربين من ترامب، حسب ما ذكرته المصادر.
ويعتمد القادة الأجانب على خبراتهم السابقة مع ترامب خلال فترة رئاسته الأولى، حيث أثبتت المجاملات والاهتمام الشخصي جدواها، وهم يتعاملون معه بناءً على هذه التجربة بعد فوزه.
وذكر دبلوماسي أجنبي أن هناك فهمًا أفضل لشخصية ترامب مقارنة بعام 2016، وهو ما أدى إلى تدفق رسائل التهنئة حتى قبل إعلان النتائج رسميًا.
وأشار الدبلوماسي إلى أن القادة يتبعون النموذج الذي وضعه رئيس الوزراء الياباني الراحل شينزو آبي، الذي توجه مباشرة إلى نيويورك عقب فوز ترامب في 2016 لعقد اجتماع في برج ترامب، حاملاً معه مجموعة من مضارب الجولف المطلية بالذهب كهدية تهنئة.
ويتجه ترامب إلى البيت الأبيض مجدداً، متعهداً بإحداث تغييرات كبيرة في العلاقات مع الحلفاء والخصوم على حد سواء، حيث يواجه قيوداً أقل مما حد من دفعه لـ”أمريكا أولاً” في ولايته السابقة.
وذكرت وكالة بلومبيرغ أنه من فرض تعريفات جمركية مرتفعة على الواردات والتهديد بتقليص التجارة مع الصين إلى الضغط على الحلفاء لدفع المزيد للدفاع، قد يؤدي تنفيذ ترامب لعدد من وعوده الانتخابية إلى إشعال اضطرابات سياسية واقتصادية جديدة في وقت تعصف الحروب بأوروبا والشرق الأوسط.
وقالت إليزابيث سوندرز، أستاذة العلوم السياسية في جامعة كولومبيا، إن عودة ترامب “تشبه إنذاراً حارقاً، وليس مجرد مكالمة إيقاظ”.
في ولايته الأولى، حال معارضة الكونغرس وبعض أعضاء إدارته دون تنفيذ ترامب لبعض أفكاره الأكثر تطرفاً. هذه المرة، من المتوقع أن يختار أعضاء في مجلس وزرائه أكثر استعداداً لتنفيذ توجيهاته.
ويستطيع ترامب الإشارة إلى انتصاره الانتخابي الثاني كدليل على الدعم الشعبي لتغيير نهج أمريكا تجاه العالم.
وتضيف سوندرز: “لديه ثلاث معتقدات ثابتة: لا يحب التحالفات الكبيرة متعددة الأطراف، يكره الاتفاقيات التجارية متعددة الأطراف ويفضل جعلها ثنائية، ويعجب بالأنظمة السلطوية”.
يجادل حلفاء ترامب بأن عدم توقع أفعاله يمثل ميزة، إذ يبقي الخصوم في حالة توتر، مشيرين إلى عدم دخوله في حروب جديدة خلال ولايته الأولى كدليل على نجاح نهجه “السلام من خلال القوة”.
وقال ترامب لأنصاره عقب إعلان فوزه: “أريد جيشاً قوياً وقوياً، ومن الناحية المثالية، لا نضطر لاستخدامه. لن أبدأ حرباً، بل سأوقف الحروب”.
مع ذلك، أثارت الحملة الانتخابية المشحونة مخاوف متزايدة في العديد من العواصم الحليفة، التي تشعر بالقلق من تهديدات ترامب بالمطالبة بمزيد من الحلفاء وتوسيع نطاق الحمائية.
والولايات المتحدة اتهمت الخصوم بمحاولة التدخل في الانتخابات، لصالح ترامب أو ضده، والذي تفاخر كثيراً بعلاقاته الجيدة مع قادة سلطويين مثل فلاديمير بوتين من روسيا وشي جين بينغ من الصين.
وقد دافع ترامب عن علاقاته الشخصية مع قادة منافسين للولايات المتحدة مثل شي جين بينغ، قائلاً إنها تسمح له بإيصال رسائل قوية.
وقال لصحيفة وول ستريت جورنال في أكتوبر إنه لن يضطر لاستخدام القوة العسكرية ضد حصار صيني على تايوان “لأن شي (الرئيس الصيني) يحترمني ويعرف أنني مجنون”.
على الرغم من قلة التفاصيل حول خططه بشأن العديد من القضايا الرئيسية، فإن معاونيه عرضوا بعض الخيارات الجذرية المحتملة، بما في ذلك الفصل الاقتصادي الكامل مع الصين، ونشر حوالي 200,000 من مشاة البحرية الأمريكية في آسيا واستئناف اختبار الأسلحة النووية.
وخلال الحملة الانتخابية، تعهد ترامب بإنهاء القتال في أوكرانيا قبل أن يتولى منصبه في 20 يناير، عن طريق دفع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي وبوتين إلى التوصل لاتفاق. إلا أنه لم يوضح كيفية تحقيق تسوية للحرب التي تتجه نحو عامها الرابع.
ووصف نائبه، جي دي فانس، خطة تترك بوتين مسيطراً على أجزاء واسعة من الأراضي التي تحتلها قواته وتلبي مطلبه بعدم انضمام أوكرانيا إلى الناتو، وهو ما وصفته نائبة الرئيس كامالا هاريس بأنها استسلام لكييف.
في الشرق الأوسط، صرح ترامب بأنه سيدعم إسرائيل بشكل لا لبس فيه في صراعها مع إيران وحلفائها، بينما دعا إلى إنهاء سريع للحرب في غزة. وقد هنأ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ترامب على “انتصاره الكبير” بعد فوزه.
وفيما يخص تايوان، زرع ترامب الشكوك حول دعم الولايات المتحدة العسكري للجزيرة، في وقت صعّدت فيه الصين ضغوطها عليها.
ففي مقابلة مع بلومبيرغ بيزنس ويك في يونيو، وصف ترامب الولايات المتحدة بأنها “غبية” لأنها لم تجبر تايوان، التي وصفها بأنها “جزيرة غنية للغاية”، على دفع المزيد مقابل الحماية الأمريكية.
ويرى البعض أن ترامب قد يتعامل مع تايوان كورقة مساومة في المفاوضات مع الصين، حيث يعتبرها مسألة تتعلق بشؤون الصين، أكثر من كونها قضية قائمة بذاتها.
أما في مجال السياسة التجارية، فقد تأتي بعض خطوات ترامب الأولى في هذا الجانب، حيث يتمتع الرئيس بصلاحيات واسعة للعمل دون موافقة الكونغرس.
وقد وعد بزيادة التعريفات الجمركية إلى مستويات لم تُشهد منذ أوائل القرن العشرين، مما قد يؤدي إلى تغيير كبير في تدفقات التجارة العالمية، ويزيد التضخم ويؤثر سلبًا على النمو في مختلف دول العالم. وتهديده بفرض رسوم تصل إلى 60% على البضائع القادمة من الصين سيؤدي إلى المزيد من تعقيد العلاقات.