في غضون أسبوع واحد فقط، شهدت أوروبا تراجع مشهد الذكاء الاصطناعي في مواجهة التباهي الأميركي ، فقط لكي تشهد انتعاشا مع صعود منافس صيني.
وفي نهاية هذا الأسبوع، برزت شركة صينية غير معروفة للذكاء الاصطناعي، DeepSeek، كمنافس شرس لقادة الصناعة في الولايات المتحدة، عندما أطلقت نموذجًا تنافسيًا زعمت أنه تم إنشاؤه بتكلفة ضئيلة للغاية مقارنة بتكاليف أبطال مثل OpenAI.
ووصف الرئيس دونالد ترامب ذلك يوم الثلاثاء بأنه “جرس إنذار” لقطاع التكنولوجيا الأمريكي.
في أوروبا، قد يعني هذا شيئا مختلفا تماما: إشارة مرحب بها إلى أن صناعة الذكاء الاصطناعي لديها فرصة للقتال ضد القوة الكاملة للرأسمالية الوطنية الأميركية في سباق التسلح العالمي للذكاء الاصطناعي.
قالت لوسي إيمي كافي، مسؤولة السياسات في الاتحاد الأوروبي والباحثة التطبيقية في Hugging Face، وهي منصة تطوير الذكاء الاصطناعي مفتوحة المصدر: “إن نماذج الذكاء الاصطناعي عالية الجودة والفعالة لم تعد حكراً على شركات التكنولوجيا العملاقة التي تمتلك موارد أجهزة ضخمة”.
وأضافت أن أوروبا يمكن أن تتنافس على “الكفاءة والتخصص والتطوير المسؤول للذكاء الاصطناعي” باستخدام نماذج “صغيرة” للذكاء الاصطناعي مثل DeepSeek.
في أول يوم له في منصبه، قدم ترامب خطوته الافتتاحية في سباق الذكاء الاصطناعي، حيث قدم خطة بقيمة 500 مليار يورو لتطوير أجهزة الذكاء الاصطناعي، مما عزز الاعتقاد بأن القوة المالية هي التي ستحدد من سيفوز في سباق الذكاء الاصطناعي.
زعمت شركة DeepSeek خلال عطلة نهاية الأسبوع أن نموذجها الجديد R1 ينافس نموذج OpenAI، الشركة الرائدة في مجال الذكاء الاصطناعي ومقرها الولايات المتحدة، والتي كانت واحدة من القوى الدافعة وراء خطة بقيمة 500 مليار دولار، وقالت إن تكاليف تدريب نموذج تم إصداره سابقًا كانت “اقتصادية”، وتقدر بأقل من 6 ملايين دولار.
أدى صعود منافس صيني منخفض التكلفة إلى عمليات بيع مكثفة في السوق يوم الاثنين: خسرت شركة Nvidia الأمريكية المتخصصة في تصميم شرائح الذكاء الاصطناعي ما يقرب من 600 مليار دولار من قيمتها.
لا تمتلك أوروبا شركات التكنولوجيا العملاقة القادرة على إنفاق مليارات اليورو على أجهزة الذكاء الاصطناعي اللازمة لتدريب النماذج. وفي الأسبوع الماضي، كان هذا يُنظَر إليه باعتباره عاملاً معوقاً.
لكن صعود DeepSeek يشير إلى أن الشركات الأوروبية الرائدة مثل Mistral الفرنسية وAleph Alpha الألمانية والعديد من الشركات الصغيرة الأخرى قد تكتسب أيضًا أرضية في سباق الذكاء الاصطناعي – ربما حتى بتكلفة زهيدة.
وقال المتحدث باسم المفوضية الأوروبية توماس رينيه للصحفيين في بروكسل يوم الثلاثاء: “هذا يظهر أن السباق نحو الذكاء الاصطناعي لا يزال بعيدًا عن النهاية”.
رأى البعض في صعود DeepSeek إشارة إلى أن افتقار أوروبا إلى الأموال اللازمة لإنفاقها على قوة الحوسبة الهائلة لن يعيقها بالضرورة عن اللحاق بسباق الذكاء الاصطناعي. وركز آخرون على التأثير الذي قد يحدثه ذلك من خلال خفض التكاليف بالنسبة لمطوري الذكاء الاصطناعي.
وقد ارتفع تطبيق DeepSeek إلى قمة تصنيفات متجر التطبيقات. إنه مجاني للتنزيل، والنموذج نفسه مفتوح ويمكن الوصول إليه على منصة المطورين GitHub دون العديد من القيود على كيفية إعادة استخدامه.
