حزب العمال يحاول استخدام تيك توك لهزيمة فاراج

يسعى حزب العمال في المملكة المتحدة إلى الاستفادة من منصات التواصل الاجتماعي، خصوصًا تيك توك، لمنافسة القوى الشعبوية في السياسة البريطانية، بما في ذلك حزب الإصلاح البريطاني بقيادة نايجل فاراج. في ظل التغيرات في المشهد الانتخابي، يبدو أن الحزب يراهن على محتوى رقمي يواكب اهتمامات الناخبين الشباب، ويلبي متطلباتهم في هذا العصر الذي تهيمن عليه وسائل التواصل الاجتماعي.
أحد النواب البارزين في الحزب، غوردون ماكي، الذي تم انتخابه بأغلبية ساحقة في انتخابات 2024، هو من بين النواب الذين يحرصون على تكثيف وجودهم على الإنترنت. ويعتبر ماكي أن وسائل التواصل الاجتماعي ليست مجرد وسيلة للتفاعل مع الناخبين، بل هي أداة رئيسية للتواصل مع شرائح واسعة من الجمهور. ويضيف: “إذا كنت كسياسي لا تعتقد أن توصيل رسالتك عبر هذه الوسائل هو من أولوياتك، فإنك ستتخلف عن الركب”.
ويدرك العديد من نواب حزب العمال الحاجة إلى استثمار أكبر في التسويق الرقمي والمحتوى الفيروسي، خاصة مع تزايد شعبية حزب الإصلاح البريطاني على تيك توك. كما أشار النائب مايك ريدر إلى أن الحزب يخوض “حرب استنزاف” مع قوى سياسية تسعى للفوز بجذب الانتباه، موضحًا أن الناخبين يتعرضون للكثير من الآراء ويحتاجون إلى رسائل شديدة التركيز كي يتمكنوا من تمييزها.
في المقابل، أطلقت مجموعة “نمو العمالة”، وهي جماعة ضغط داخل حزب العمال، حملة لدفع أعضاء البرلمان إلى استخدام منصات مثل تيك توك ويوتيوب بشكل أكبر. ويشدد مارك ماكفيتي، مدير المجموعة، على أن اليسار يعاني من صعوبة في التأثير على الثقافة الرقمية التي يهيمن عليها اليمين، وخاصة حركة الإصلاح. ويقول: “الأفكار الثورية والمسلية تنتصر على الإنترنت، ويجب على اليسار أن يجد أسلوبًا يتناسب مع هذه الثقافة”.
من ناحية أخرى، يعتمد حزب العمال على استراتيجية أكثر انضباطًا فيما يتعلق بالتواصل الاجتماعي، حيث يُطلب من أعضائه الالتزام برسائل الحزب المحددة. ولكن، مع تصاعد المنافسة على منصات مثل تيك توك، يواجه الحزب تحديات في إيجاد التوازن بين الانضباط الحزبي والمحتوى التفاعلي الذي يمكن أن ينتشر بسرعة.
في خطوة لتسهيل التواصل الرقمي لأعضائه، عرض مقر حزب العمال “حزمة تواصل اجتماعي” للنواب، تضم خدمات مثل محتوى فيديو ورسوم بيانية وتوجيهات حول كيفية استخدام وسائل التواصل الاجتماعي بشكل فعال. تتراوح تكاليف هذه الخدمات من 700 إلى 1700 جنيه إسترليني شهريًا، وقد انخفضت التكلفة منذ ذلك الحين إلى ما بين 250 و500 جنيه إسترليني. رغم ذلك، فإن بعض النواب يعتبرون هذه التكلفة مرتفعة.
على الرغم من هذه الجهود، لا يزال هناك من يشعر بالحذر داخل الحزب من استخدام بعض الأعضاء لوسائل التواصل الاجتماعي بطريقة تقترب من أسلوب “المؤثرين”. وقد أعرب بعضهم عن قلقهم من أن بناء العلامات الشخصية قد يأتي على حساب العمل المحلي الضروري.
مع اقتراب الانتخابات القادمة، يبدو أن حزب العمال يحاول التأقلم مع هذا الواقع الرقمي الجديد، مستفيدًا من الأدوات التي توفرها وسائل التواصل الاجتماعي للوصول إلى جمهور أوسع، ولكن في الوقت نفسه، لا يزال يعكف على ضبط استراتيجيته الرقمية لتحقيق أفضل النتائج السياسية.



