رئيسيشؤون دولية

المحادثات النووية الأميركية الإيرانية في روما تظهر “بعض التقدم”

اختتمت الجمعة في روما الجولة الخامسة من المحادثات النووية بين الولايات المتحدة وإيران، والتي تركزت على إعادة إحياء الاتفاق النووي الموقع عام 2015.

وأشار وزير الخارجية العماني بدر البوسعيدي، الذي يتولى دور الوسيط بين الطرفين، إلى إحراز “بعض التقدم، ولكن ليس حاسماً” خلال هذه الجولة، في ظل استمرار الخلافات الجوهرية التي تعيق التوصل إلى اتفاق شامل.

تأتي هذه المحادثات في ظل تعقيدات سياسية وأمنية متزايدة، حيث تواجه الولايات المتحدة وطهران تحديات كبيرة بشأن حدود التخصيب النووي الإيراني، وهو الملف الأبرز في المفاوضات.

فقد أكدت إيران على موقفها الرافض للتوقيع على أي اتفاق لا يسمح لها بالاحتفاظ بحق تخصيب اليورانيوم محلياً، فيما تعتبر الولايات المتحدة التخصيب المحلي “خطاً أحمر” لا يمكن تجاوزه، مما يترك المفاوضات على شفا طريق مسدود في عدة محطات.

وفي خضم هذه التوترات، أبدت إسرائيل، التي تُعتبر من أشد المعارضين لعودة الاتفاق، استعدادها لاتخاذ إجراء عسكري سريع ضد المنشآت النووية الإيرانية في حال فشل المفاوضات خلال الأسابيع المقبلة.

ونقلت وكالة “أكسيوس” الأمريكية عن مصادر إسرائيلية قولها إن “نافذة الفرصة لشن ضربة ناجحة قد تُغلق قريبًا”، في إشارة إلى ضيق الوقت أمام تل أبيب لاتخاذ قرار حاسم قبل تغير المعطيات الميدانية.

من جهته، أكد وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي في تصريحات صحفية عقب المحادثات، أن المناقشات “معقدة للغاية” ولا تزال تتطلب جولات تفاوضية إضافية. وأضاف أن الوسيط العماني قدم “عدة أفكار” تهدف إلى تقريب وجهات النظر بين الجانبين، على أمل تخطي العقبات الحالية.

وفي بيان لوزارة الخارجية الأمريكية، أوضح المبعوث الخاص ستيف ويتكوف ومدير التخطيط مايكل أنطون أنهما شاركا في محادثات مباشرة وغير مباشرة استمرت لأكثر من ساعتين مع وفد إيران برئاسة عراقجي.

وأكد البيان أن “المحادثات لا تزال بناءة، وقد أحرزنا مزيدًا من التقدم، لكن لا يزال هناك عمل يجب القيام به”، مشيراً إلى اتفاق الطرفين على استئناف اللقاءات قريبًا، ومشيدًا بدور عمان في تسهيل المفاوضات.

وفي تطور جانبي، كشفت مصادر أمريكية أن المبعوث ويتكوف التقى قبل بدء المحادثات مع مسؤولين إسرائيليين بارزين، بينهم وزير الشؤون الاستراتيجية رون ديرمر ومدير جهاز الموساد ديفيد بارنيا، ما يعكس التنسيق الوثيق بين واشنطن وتل أبيب بشأن الملف الإيراني.

في الوقت ذاته، تبدي الحكومة الإسرائيلية تشككًا متزايدًا حيال إمكانية نجاح المفاوضات، خاصة مع تهديد إيران بنقل موادها النووية إلى مواقع سرية وغير معلنة، في خطوة تهدف إلى إحباط أي هجوم محتمل على منشآتها، حسب ما أعلن الوسيط العماني البوسعيدي.

وقال البوسعيدي: “نأمل أن نوضح القضايا المتبقية في الأيام المقبلة، حتى نتمكن من المضي قدمًا نحو هدف مشترك يتمثل في التوصل إلى اتفاق مستدام ومشرف”.

تعكس هذه التصريحات حجم التحديات التي تواجه جهود إحياء الاتفاق النووي في ظل التشدد الإيراني، والتوترات الأمنية المتصاعدة في المنطقة، خاصة مع استمرار الحديث عن احتمال استخدام الخيار العسكري كبديل في حال فشل الدبلوماسية.

وتشهد هذه الجولة من المحادثات ضغطًا دوليًا مكثفًا، حيث يراقب المجتمع الدولي بحذر التطورات، خشية أن يؤدي انهيار المفاوضات إلى تصعيد عسكري خطير في منطقة الشرق الأوسط. وقد عززت هذه المخاوف استعدادات إسرائيل للرد عسكرياً، في حين تحث الولايات المتحدة إيران على التفاوض بجدية لتفادي الصراع.

في النهاية، تبدو الجولة الخامسة من المحادثات محطة جديدة في مسار طويل من التوتر والمفاوضات المتقطعة، تحمل في طياتها بعض الأمل في تحقيق تقدم، لكنها تبقى بعيدة عن الوصول إلى اختراق جوهري يضمن تفادي أزمة نووية جديدة في المنطقة.

ويبقى السؤال معلقاً حول مدى قدرة الأطراف على التوصل إلى حل وسط، قبل أن تخرج الأمور عن السيطرة وتتحول إلى مواجهة عسكرية لا تخدم أحداً سوى تفاقم الأوضاع في الشرق الأوسط.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى