في الوقت الذي تتزايد فيه الدعوات داخل أروقة حلف شمال الأطلسي (الناتو) للتخلي عن فكرة عضوية أوكرانيا في الحلف، تقف ليتوانيا في طليعة المدافعين عن هذا المسار، معتبرة أنه لا يحق لموسكو أو غيرها من الأطراف فرض فيتو على قرارات الحلف السيادية.
وأكدت وزيرة الدفاع الليتوانية، دوفيلي شاكاليني، خلال مؤتمر دفاعي في وارسو، أن بلادها “لن تتخلى أبدًا” عن دعمها لانضمام أوكرانيا للناتو، مشيرة إلى أن مصداقية الحلف على المحك إن سمح لأطراف خارجية بتقرير مستقبله.
وقالت: “إذا قرر أي أحد غير التحالف من ينضم إليه، فإن ذلك يشكل انتهاكًا خطيرًا لمصداقيتنا”.
ليتوانيا، التي تقع قرب فجوة سووالكي الحساسة استراتيجيًا، تعتبر واحدة من أكثر دول الحلف عرضة لهجوم روسي محتمل.
وهذه الفجوة الجغرافية التي تفصل بين جيب كالينينغراد الروسي وبيلاروسيا، حليفة موسكو، تجعل من ليتوانيا دولة في قلب الخطر، وهو ما يدفعها إلى تبنّي موقف متشدد في مواجهة روسيا.
القلق من نوايا موسكو لا يقتصر على ليتوانيا وحدها. فقد حذّر رئيس الاستخبارات الخارجية الألمانية، برونو كال، من أن الكرملين قد يعمد إلى اختبار التزام الحلف بالمادة الخامسة – التي تنص على الدفاع الجماعي – عبر تنفيذ هجمات هجينة على دول البلطيق، مشابهة لما حدث في القرم عام 2014.
لكن في مقابل هذا الموقف الحذر، أظهرت الإدارة الأمريكية بقيادة دونالد ترامب تحفظًا تجاه دعم عضوية أوكرانيا. ويُعتقد أن ترامب يسعى لتجنب استفزاز روسيا في إطار محاولاته للتوصل إلى اتفاق لإنهاء الحرب.
كما أن بعض الدول الأعضاء مثل المجر وسلوفاكيا أعربت عن مواقف مشابهة، بينما أعلن الرئيس البولندي الجديد، كارول ناوروكي، صراحة أنه يعارض انضمام كييف.
ورغم هذه المواقف المتحفظة، تصر ليتوانيا على أهمية مشاركة الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في قمة الناتو المرتقبة في لاهاي، وتعتبر حضوره ضرورة رمزية وسياسية تعكس وحدة الموقف الأوروبي. وقد أعلنت كييف بالفعل أن زيلينسكي تلقى دعوة رسمية للمشاركة.
شاكاليني دعت أيضًا إلى رفع إنفاق الدفاع في دول الناتو إلى 5% من الناتج المحلي بحلول عام 2030، بدلًا من الهدف الحالي البالغ 2%. واعتبرت أن تعزيز الإنفاق لا يجب أن يكون نظريًا فحسب، بل يجب أن يُترجم إلى دعم فعلي لأوكرانيا من خلال تسليح وتجهيز قواتها.
كما طالبت بإطلاق آلية مراجعة داخل الحلف لمتابعة أي انسحابات للقوات الأمريكية من أوروبا، في ظل القلق المتزايد من تقلبات السياسة الأمريكية تجاه الحلف.
واختتمت الوزيرة الليتوانية بالتحذير من تنامي تحالف معادٍ تقوده روسيا ويضم الصين، وكوريا الشمالية، وإيران، مؤكدة أن هذا “المحور الجديد” يعمل على تقويض النظام العالمي. وشددت على أن رد الناتو يجب أن يكون واضحًا وموحدًا، ليس فقط عبر البيانات، بل من خلال سياسات رادعة قادرة على مواجهة التحديات الجديدة.

