أوروبا تضغط وترامب يتريث — لا عقوبات جديدة على روسيا في الوقت الراهن

أكد وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو، على هامش قمة حلف شمال الأطلسي (الناتو)، أن الرئيس دونالد ترامب لن يرضخ في الوقت الحالي للضغوط الأوروبية الداعية إلى فرض عقوبات إضافية على روسيا، متمسكًا بخيار “النافذة الدبلوماسية” للتفاوض على وقف إطلاق نار في أوكرانيا.
وقال روبيو إن واشنطن لا تزال ترى فرصة – ولو ضئيلة – لإحياء المفاوضات مع موسكو، رغم فشل المحاولات السابقة، مؤكدا أن التصعيد بالعقوبات قد يغلق هذا الباب بشكل نهائي. وأوضح: “إذا فعلنا ما يريده الجميع هنا منا، وهو أن نأتي ونسحقهم بمزيد من العقوبات، فربما نفقد قدرتنا على التحدث معهم بشأن وقف إطلاق النار، ومن سيتحدث إليهم حينها؟”.
موقف أوروبي متصلب… وترامب متردد
تأتي تصريحات روبيو في وقت يُمارس فيه زعماء الاتحاد الأوروبي، وفي مقدمتهم الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، ضغوطاً متزايدة على إدارة ترامب لتشديد العقوبات الاقتصادية على روسيا، بعد أن تجاهل الكرملين مبادرات وساطة متعددة خلال الأشهر الأخيرة، وواصل عملياته العسكرية في شرق وجنوب أوكرانيا.
ورغم التباين في وجهات النظر، شدد روبيو على أن الإدارة الأمريكية لم ترفع أياً من العقوبات المفروضة حالياً، لكنه أضاف أن أي حزمة جديدة يجب أن تأتي في الوقت “المناسب” وحين تنعدم فرص التوصل لتسوية سياسية. وأضاف: “إذا فعل ذلك (ترامب)، فأنت تعترف تقريبًا بأن هذا الأمر لن يتم التفاوض عليه في أي وقت قريب”.
توازن دقيق بين الضغط والدبلوماسية
بحسب روبيو، فإن هدف واشنطن هو الحفاظ على قدر من الضغط على موسكو، دون الإضرار بفرص التفاوض، وهو توازن معقد تسعى الإدارة الحالية إلى الحفاظ عليه. وقال: “سنواصل التواصل. بمعنى أنه إذا أتيحت لنا فرصة لإحداث تغيير وحثّهم على الجلوس إلى طاولة المفاوضات، فسنستغلها”.
لكن كثيرين في العواصم الأوروبية باتوا يشككون في نجاعة هذا النهج، ويخشون أن يؤدي التراخي الأمريكي إلى منح بوتين مزيداً من الوقت لترسيخ المكاسب العسكرية على الأرض، وفرض أمر واقع جديد يُضعف الموقف التفاوضي لأوكرانيا.
تشريعات في الأفق… ولكن بشروط
وفيما يبدو أنه مسعى لتخفيف الانتقادات الغربية، أشار روبيو إلى تعاون جارٍ بين البيت الأبيض والكونغرس، وخاصة مع السيناتور الجمهوري ليندسي غراهام، لصياغة مشروع قانون يتيح فرض رسوم جمركية بنسبة 500% على واردات الدول التي تواصل شراء النفط أو الغاز أو اليورانيوم الروسي، إذا رفضت موسكو الانخراط في محادثات سلام “بحسن نية”.
لكنه شدد على أن مشروع القانون سيمنح الرئيس مرونة في التطبيق، موضحًا: “لقد تحدثنا معهم حول كيفية صياغته وكيفية هيكلته، لأننا في النهاية نعتقد أنه يجب أن يكون هناك قدر كافٍ من المرونة حتى يتمكن الرئيس من فرض العقوبات عند الحاجة”.
ميدان المعركة… والرهانات الروسية
وحول الوضع العسكري، قال وزير الخارجية الأمريكي إن الكرملين لا يزال يعتقد أن بإمكانه تحقيق أهدافه الإقليمية عبر القوة العسكرية، لا سيما في المناطق الخاضعة لسيطرته منذ مطلع الحرب. لكن روبيو أعرب عن اعتقاده بأن “تحقيق ذلك سيكون أصعب بكثير مما يتصورون”.
وأضاف: “نعتقد أن الروس سيحاولون في ساحة المعركة تحقيق ما طالبوا به على طاولة المفاوضات — الحفاظ على خطوطهم الإدارية في مناطق معينة وما شابه ذلك — لكنهم سيصطدمون بعقبات أكبر مما يتوقعون”.
الترقب سيد الموقف
مع استمرار التوترات بين موسكو وكييف، والانقسام في مواقف العواصم الغربية، تظل واشنطن حذرة في تحركاتها. ويراهن ترامب وفريقه على إمكانية “إدارة” الصراع بدلاً من تصعيده، لكن هذا الخيار يواجه اختباراً حقيقياً أمام تعنت بوتين وضغوط أوروبا.
في الوقت الراهن، يبدو أن إدارة ترامب تفضل “الانتظار والتريث”، أملاً في إحياء مسار تفاوضي هش. لكن مع تعثر الجهود الدبلوماسية وتصاعد حدة المعارك، قد لا يكون هذا الخيار متاحًا لوقت طويل.



