في تصريحات حادة، انتقد رئيس الوزراء الألباني إيدي راما السياسة البريطانية الجديدة المتعلقة بالتعامل مع طالبي اللجوء، واصفًا مقترحات المملكة المتحدة بإرسال المهاجرين إلى دول ثالثة بأنها تعكس “مكانًا مظلمًا للغاية” وصلت إليه بريطانيا بعد خروجها من الاتحاد الأوروبي.
جاءت تصريحات راما خلال مقابلة مع صحيفة “الغارديان” البريطانية، حيث أعرب عن رفضه التام لما وصفه بمحاولة لندن “إلقاء” طالبي اللجوء في دول أخرى من خلال إنشاء مراكز احتجاز لطالبي اللجوء المرفوضين الذين نفدوا جميع المسارات القانونية أمامهم. وأكد أن هذه السياسة تعبر عن تحول خطير في الخطاب السياسي البريطاني، الذي أصبح “غير مقبول على الإطلاق” ولكنه بات يُقبل ويُمارس كأمر طبيعي.
وكان رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، زعيم حزب العمال، قد أعلن الشهر الماضي عن إجراء محادثات مع دول أخرى لبحث إمكانية تطبيق هذه السياسة، دون الكشف عن أسماء الدول المعنية. وأعلنت الحكومة البريطانية رسمياً عن هذه الخطة خلال زيارة رسمية قام بها رئيس الوزراء البريطاني إلى ألبانيا، في أول زيارة من نوعها، ما أثار مخاوف وتوترات في العلاقات بين البلدين.
وأوضح راما أن ألبانيا لن تشارك في هذا المخطط، مشيرًا إلى أن بلاده “مخلصة لعلاقاتها التاريخية مع إيطاليا”، مضيفًا أن هناك اتفاقيات مماثلة بين تيرانا وروما تم تأجيلها مرارًا بسبب التحديات القانونية. كما ندد بشدة بالتصريحات السياسية التي تصف طالبي اللجوء الألبان بأنهم يشكلون “غزوًا” على بريطانيا، وهو خطاب يُعد “مثيرًا للانقسام وغير مسؤول”.
وقال راما: “إن حقيقة أن هذه السياسة لم تعد مجرد فكرة بل أصبحت واقعًا، لا تعود إلى قيام ستارمر أو سوناك بأي تصرفات شائنة، وإنما إلى أن بريطانيا الآن في مكان مظلم للغاية”. وأضاف: “قبل خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، كانت هذه المقترحات غير مقبولة تمامًا، وسخيفة، ومخزية”.
يذكر أن حكومة حزب المحافظين السابقة وقعت مع ألبانيا بيانًا مشتركًا وأسست فريق عمل للتصدي للهجرة غير النظامية، ما أدى إلى إعادة أكثر من ألف مواطن ألباني من بريطانيا. ومع ذلك، ظلت العلاقة بين البلدين متوترة بسبب الخطاب السياسي المتشدد تجاه المهاجرين الألبان، حيث كثيرًا ما وُصفت أعداد طالبي اللجوء الألبان إلى بريطانيا بأنها “غزو”.
ورغم الانتقادات، شدد راما على احترامه لكير ستارمر واصفًا إياه بأنه “شخص محترم وممتع”، لكنه أشار إلى أن ستارمر لم يقدم أي طلب رسمي لألبانيا بالانضمام إلى هذا المخطط المثير للجدل.
تأتي هذه التطورات في وقت تواجه فيه أوروبا أزمة هجرة متصاعدة، حيث تبحث العديد من الحكومات عن حلول للحد من تدفق طالبي اللجوء، ما يثير جدلاً واسعاً حول حقوق الإنسان والالتزامات الدولية تجاه اللاجئين.
وتؤكد تصريحات راما وموقف ألبانيا الرافض لهذه السياسة على تعقيد المشهد السياسي والهجومي حول موضوع الهجرة، خاصة في ظل الأزمات الاقتصادية والسياسية التي تضرب العديد من الدول الأوروبية.
في الختام، يبدو أن جهود بريطانيا لإعادة توجيه طالبي اللجوء إلى دول ثالثة ستواجه مقاومة من حلفائها الإقليميين، الذين يرون في هذه السياسات تجاوزاً للمعايير الإنسانية والقانونية الدولية، ما يعزز الانقسام حول كيفية إدارة قضية الهجرة في أوروبا.

