رئيسيشؤون دولية

حليف لوبان يعمل على تلميع صورة اليمين المتطرف الفرنسي وسط فضيحة عنصرية

رغم الكشف عن ماضٍ مليء بالعنصرية وكراهية المثليين ومعاداة السامية لإحدى أبرز حلفاء مارين لوبان، فإن حزب التجمع الوطني اليميني المتطرف يبدو غير متأثر بهذه الفضيحة التي كان يُفترض أن تهزّ صورته في الشارع الفرنسي.

كارولين بارمينتييه، النائبة البرلمانية وصديقة لوبان المقرّبة وواحدة من مهندسي استراتيجية “نزع الشيطنة” عن الحزب، كُشف أنها كتبت مقالات في إحدى المجلات حتى عام 2020 تتضمن مواقف عنصرية ودعماً لحركات نازية بلجيكية. كما طفت إلى السطح تقارير عن انضمام نواب آخرين في الحزب إلى مجموعات على فيسبوك تضم محتوى معادياً للأجانب والمثليين.

لكن بدلاً من رد فعل غاضب أو إجراءات حزبية صارمة، جاء موقف التجمع الوطني هادئًا إلى حد البرود. فقد قالت لوبان إن الفرنسيين “بعيدون كل البعد عن قصص كهذه”، بينما وصف نائب رئيس الحزب سيباستيان تشينو الفضيحة بأنها “خرافة قديمة”. أما أحد نواب الحزب فعبّر صراحة عن اللامبالاة بقوله: “لا أحد يهتم.”

حصانة من الفضائح

ورغم بشاعة الاتهامات، لم يظهر أن بارمينتييه تواجه خطر فقدان منصبها. بل يعتقد مراقبون أن شعبية التجمع الوطني لا تزال مستقرة. ويرى سيلفان كريبون، المتخصص في شؤون اليمين المتطرف بجامعة تورز، أن الحزب “أصبح محصنًا بشكل متزايد ضد الفضائح”، محذرًا في الوقت ذاته من أن الادعاء بعدم اهتمام الناخبين ليس دقيقًا تمامًا.

لطالما سعى حزب لوبان إلى تلميع صورته والتخلّص من إرث مؤسسه جان ماري لوبان، المعروف بتصريحاته المعادية للسامية والمثيرة للجدل. وقد بلغت استراتيجية لوبان ذروتها عام 2015 حين طردت والدها من الحزب بعد تكراره القول إن غرف الغاز النازية كانت “تفصيلًا” في تاريخ الحرب العالمية الثانية.

لوبان لا تزال قوية

ورغم خسارتها أمام ماكرون في انتخابات 2017 و2022، شهدت لوبان نموًا كبيرًا في شعبيتها، وأظهرت دراسة لمؤسسة جان جوريس في باريس أنها نجحت في محو صورة اليمين المتطرف السامة لدى قطاعات واسعة من الفرنسيين. وتشير استطلاعات الرأي إلى أنها الأوفر حظًا في الانتخابات الرئاسية المقبلة عام 2027، رغم إداناتها الأخيرة بالاختلاس التي قد تبعدها عن السباق.

لكن برونو جانبارت، خبير استطلاعات الرأي في مؤسسة أوبينيون واي، يرى أن لوبان لا تزال تواجه تحديات مع الناخبين الأكبر سنًا والطبقة المتوسطة العليا، الذين يشككون في أجندة حزبها الاقتصادية ويتحسسون من خطاب التطرف.

وقال جانبارت: “إنها تتحسن، لكنها لم تبلغ بعد القدر الكافي لكسر السقف الزجاجي.”

غربلة داخلية

ومع تكرار الفضائح، يدرك التجمع الوطني أن عليه بذل جهد أكبر للتدقيق في مرشحيه. فقد أحرج بعض المرشحين الحزب خلال الانتخابات المبكرة العام الماضي، بينهم من ظهر مرتديًا قبعة نازية أو أدين باحتجاز رهينة. ورد جوردان بارديلا، رئيس الحزب، واصفًا هؤلاء بأنهم “قلة من الخراف السوداء.”

وبحسب مسؤول كبير في الحزب، يخضع المرشحون الآن لفحوص مكثفة على وسائل التواصل الاجتماعي واستبيانات داخلية لاختبار مدى ملاءمتهم، تحسبًا لاحتمال دعوة ماكرون إلى انتخابات مبكرة. وأكد المسؤول: “لا يوجد أي تسامح على الإطلاق مع العنصرية أو كراهية الأجانب.”

لكن المعضلة الأساسية للحزب تبقى قائمة. يقول كريبون: “إذا أصبح الحزب عاديًا جدًا، سيفقد تميزه وجاذبيته. أما إذا ظل متطرفًا جدًا، فسيظل لاعبًا هامشيًا.”

وبرغم ذلك، يبدو أن فضيحة بارمينتييه لم تترك أثرًا حقيقيًا على الحزب الذي لا يزال يسير بخطى واثقة نحو الساحة السياسية الرئيسية في فرنسا.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى