إيطاليا وفرنسا وألمانيا تخطط لتعزيز قدرتها التنافسية في بروكسل

يستعد قادة ثلاث من أكبر دول الاتحاد الأوروبي — إيطاليا وفرنسا وألمانيا — لإرسال رسالة مشتركة إلى رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، يطالبون فيها باتخاذ خطوات عملية لتعزيز القدرة التنافسية الاقتصادية داخل الاتحاد، حسبما نقلت صحيفة لا ريبوبليكا الإيطالية في تقرير نشر يوم 6 يوليو 2025.
تأتي هذه المبادرة في وقت تسعى فيه الدول الأوروبية الكبرى لمواجهة تحديات اقتصادية كبيرة تشمل تباطؤ النمو العالمي، أزمات الطاقة، والتحولات التكنولوجية التي تضرب قطاعات حيوية مثل صناعة السيارات. كما تعكس الرسالة التنسيق المتزايد بين روما وباريس وبرلين لتعزيز استثمارات الاتحاد الأوروبي، وحماية مصالح صناعاتها الأساسية في مواجهة المنافسة الدولية المتصاعدة.
أهداف الرسالة إلى المفوضية الأوروبية
وفقًا للتقرير، اتفق رئيس الوزراء الإيطالي جورجيا ميلوني، والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، والمستشار الألماني فريدريش ميرز على عدة أهداف رئيسية سيطرحونها في خطابهم إلى المفوضية خلال الأسابيع المقبلة. من أبرز هذه الأهداف:
دعم قطاع السيارات الأوروبية: تطلب الدول الثلاث توفير أدوات مالية مخصصة لدعم هذا القطاع في مرحلة انتقاله نحو الحياد التكنولوجي، خاصة مع الانتقال الكبير نحو السيارات الكهربائية والهجينة.
تعزيز الاستثمار في الابتكار: تشمل الخطط زيادة الدعم المالي للمشاريع البحثية والتطويرية التي تركز على التكنولوجيا المتقدمة، والذكاء الاصطناعي، والتحول الرقمي في الصناعات.
دعم قطاعات الدفاع والفضاء: تسعى الدول إلى توحيد الجهود لزيادة القدرات التكنولوجية في هذه المجالات الاستراتيجية، والتي تعتبر من ركائز الأمن والاقتصاد في الاتحاد الأوروبي.
احتواء أسعار الطاقة: سيطالب القادة باتخاذ تدابير لتخفيف أعباء أسعار الطاقة على الصناعات والشركات الأوروبية، في ظل الارتفاعات المتواصلة التي تؤثر على التكاليف الإنتاجية والتنافسية.
تفاصيل الخلافات والتفاوض
على الرغم من الاتفاق على الخطوط العريضة، لا تزال بعض النقاط محل جدل. بحسب لا ريبوبليكا، فرنسا ترغب في تضمين طلب خاص بحوافز لدعم شراء السيارات الكهربائية، في حين تتخذ ألمانيا موقفًا أكثر حذرًا حيال هذه الحوافز، خوفًا من أن تؤثر على التوازن الاقتصادي والبيئي.
كما تشهد المباحثات توترات حول تضمين إشارة إلى اتفاقية التجارة الحرة بين الاتحاد الأوروبي ودول الميركوسور (البرازيل، الأرجنتين، باراغواي، وأورغواي). هذه الاتفاقية، التي تهدف إلى توسيع العلاقات التجارية بين الجانبين، تواجه معارضة من بعض الدول الأوروبية بسبب مخاوف بيئية واجتماعية، وتعتبر موضوعًا حساسًا في المفاوضات.
تصريحات ومواقف رسمية
تحدثت جورجيا ميلوني عن المبادرة في خطاب أمام البرلمان الإيطالي في نهاية يونيو/حزيران، مؤكدة على أهمية توحيد الجهود الأوروبية لدعم الصناعات الاستراتيجية والابتكار.
كما أشارت نشرة “التنقل الصباحي” الصادرة عن موقع بوليتيكو إلى أن هذه الخطوة تمثل محاولة لإعادة توجيه السياسات الاقتصادية للاتحاد نحو دعم تنافسيته العالمية وسط تحولات السوق.
السياق الأوروبي والدولي
تأتي هذه التحركات في وقت يشهد الاتحاد الأوروبي تحديات متعددة تشمل تأثيرات التضخم، التداعيات الاقتصادية للحرب في أوكرانيا، وضغوط على سلاسل الإمداد العالمية. وتشكل صناعة السيارات واحدة من أهم الأعمدة الاقتصادية في أوروبا، حيث توظف ملايين العاملين وتعد مصدرًا رئيسيًا للصادرات.
كما تتسارع دول الاتحاد في تبني سياسات “الحياد التكنولوجي” والممارسات البيئية المستدامة، ما يفرض على الحكومات إيجاد توازن دقيق بين دعم الصناعة التقليدية والتوجهات الحديثة.
نظرة مستقبلية
من المتوقع أن تحاول الرسالة المشتركة من إيطاليا وفرنسا وألمانيا دفع المفوضية الأوروبية إلى تقديم حزمة تدابير مالية وتنظيمية قوية تعزز قدرة الصناعات الأوروبية على المنافسة، بما يشمل مزيدًا من الاستثمارات في البحث والتطوير، وتسهيل الانتقال نحو تقنيات صديقة للبيئة.
في ظل التنافس الاقتصادي العالمي المتصاعد، خاصة مع الولايات المتحدة والصين، تسعى هذه الدول الأوروبية إلى إظهار وحدة واضحة ورؤية مشتركة لتعزيز نمو اقتصادي مستدام ومستقل.



