اتفاقية الإغاثة الأوروبية لغزة معلقة وسط تصاعد العدوان الإسرائيلي وفشل جهود وقف إطلاق النار

لا تزال الاتفاقية التي توسط فيها أكبر دبلوماسي في الاتحاد الأوروبي، والتي تهدف إلى استعادة تدفق الإغاثة الإنسانية الأساسية إلى قطاع غزة، معلقة في الميزان، في ظل انهيار الجهود الرامية إلى تأمين وقف إطلاق النار خلال عطلة نهاية الأسبوع.
وقُتل ما لا يقل عن 31 شخصًا أثناء محاولتهم الوصول إلى نقطة توزيع طعام مدعومة من الولايات المتحدة يوم السبت، بعد أن فتحت القوات الإسرائيلية النار عليهم، وفقًا لوكالة أسوشيتد برس. وتُظهر هذه الحادثة المأساوية حجم المخاطر التي يواجهها المدنيون في مناطق النزاع، خاصة في ظل استمرار الحصار العسكري والقيود المفروضة على دخول المساعدات الإنسانية.
وأفادت الأمم المتحدة أن ما يصل إلى 800 شخص لقوا حتفهم في مراكز الإغاثة خلال الأسابيع الستة الماضية، وسط منع وصول المنظمات الإنسانية إليها بشكل روتيني. ولم يصدر جيش الدفاع الإسرائيلي أي تعليق رسمي على الحادث أو على هذه الأرقام التي تُعد مؤشراً خطيراً على تفاقم الأزمة الإنسانية في القطاع.
ولا يمكن التحقق من هذه التقارير بشكل مستقل، نظرًا لمنع وسائل الإعلام والمراقبين الدوليين من دخول غزة، إلا أن اللجنة الدولية للصليب الأحمر حذرت من “موجة متواصلة من الإصابات” تهدد بإرهاق آخر مستشفى ميداني لا يزال يعمل في المنطقة، في ظل تدهور الخدمات الصحية وتفشي الأمراض.
جاءت هذه التطورات بعد إعلان الممثلة العليا للشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي، كايا كالاس، أنها توسطت في اتفاق مع السلطات الإسرائيلية لضمان وصول المساعدات إلى الفلسطينيين. وأكدت كالاس أن الاتفاق يشمل فتح المزيد من المعابر، ودخول شاحنات المساعدات والمواد الغذائية إلى غزة، بالإضافة إلى إصلاح البنية التحتية الحيوية وحماية عمال الإغاثة.
قالت كالاس في تصريح لرئيس الوزراء الإستوني السابق يوم الخميس: “نعتمد على إسرائيل في تنفيذ جميع الإجراءات المتفق عليها”، وأكدت أن الإمدادات الإنسانية ستبدأ بالتدفق خلال أيام. إلا أن تنفيذ هذا الاتفاق يبدو معلقًا، في ظل استمرار العنف وغياب وقف إطلاق النار.
ومن جانبها، لم ترد المفوضية الأوروبية على طلبات التعليق حول التطورات الأخيرة، مما يضيف غموضًا على قدرة الاتحاد الأوروبي على التأثير على الأرض.
في الوقت ذاته، يستعد كبار الدبلوماسيين من دول الاتحاد الأوروبي لمناقشة فرض عقوبات على إسرائيل يوم الثلاثاء، في ظل ضغوط متزايدة من العواصم الأوروبية لاتخاذ إجراءات لوقف إراقة الدماء في غزة. وتشير وثيقة داخلية اطلعت عليها شبكة “بوليتيكو” إلى أن كالاس ستسأل وزراء الخارجية عما إذا كان هناك دعم كافٍ لتقليص التعاون مع إسرائيل في مجالات التجارة وغيرها.
ويأتي ذلك بعد أن خلص مكتب الخدمة الخارجية بالاتحاد الأوروبي في مراجعة حديثة إلى وجود “مؤشرات على أن إسرائيل قد تخالف التزاماتها في مجال حقوق الإنسان” بموجب اتفاقية الشراكة بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل. وذكرت الوثيقة أن الحملة العسكرية الإسرائيلية، رداً على الهجمات التي وقعت في 7 أكتوبر 2023، شملت “استخدام أسلحة ذات آثار واسعة النطاق في مناطق مكتظة بالسكان وفرض قيود صارمة على دخول السلع والخدمات الأساسية إلى غزة”.
رغم الدعوات القوية لاتخاذ إجراءات، إلا أن تعليق الاتفاق أو فرض عقوبات يتطلب إجماع الدول الأعضاء، وهو ما يواجه معارضة من حلفاء إسرائيل مثل المجر وألمانيا. لذلك، قد تضطر بروكسل للنظر في فرض تدابير عبر الأغلبية المؤهلة بدلاً من الإجماع الكامل.
في الوقت ذاته، فشلت جهود الوساطة الأمريكية خلال عطلة نهاية الأسبوع لتأمين وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحركة حماس، التي تسيطر على غزة، بسبب الخلاف حول وجود القوات الإسرائيلية في القطاع بعد وقف القتال المحتمل. هذا الفشل يعزز حالة عدم الاستقرار ويجعل من الصعب تحقيق أي تقدم في ملف الإغاثة الإنسانية.
مع استمرار هذه الأوضاع، يبقى مصير ملايين الفلسطينيين في غزة رهينًا بالتطورات السياسية والعسكرية، وسط تحذيرات من تصاعد الأزمة الإنسانية التي قد تتفاقم أكثر في حال استمرار الحصار وتوقف المساعدات عن الوصول إلى المحتاجين.



