محادثات «إعادة ضبط» بريكست تنطلق بخطوات حذرة حول الغذاء وتجارة الانبعاثات

شهد ملف العلاقات البريطانية-الأوروبية تطورًا جديدًا يوم الأربعاء، مع إعلان المفوضية الأوروبية عن مسودة خططها التفاوضية بشأن اثنين من أكثر الملفات حساسية في محادثات «إعادة ضبط» بريكست: معايير الصحة النباتية وسلامة الأغذية، وربط أنظمة تجارة الانبعاثات الكربونية.
ويمثل نشر هذه المقترحات أول تحرك ملموس منذ قمة 19 مايو الماضي، التي أعلن فيها رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر عن رغبته في «إعادة ضبط» العلاقة مع الاتحاد الأوروبي، واضعًا قائمة بأهداف تفاوضية تسعى حكومته لتحقيقها.
ومن المقرر أن تخضع الخطط الأوروبية الآن لمراجعة حكومات الدول الأعضاء في الاتحاد، قبل بدء جولات التفاوض الرسمية.
ووفقًا لمقترح المفوضية، سيتعين على المملكة المتحدة الالتزام الكامل بقواعد الاتحاد الأوروبي الصحية والصحة النباتية وسلامة الأغذية، بما يشمل تنظيم المنتجات الزراعية والغذائية، وقواعد الحيوانات الحية، والمبيدات الحشرية، وكذلك لوائح الإنتاج العضوي ووضع العلامات على المنتجات العضوية.
غير أن بريطانيا، رغم التزامها بتطبيق هذه القواعد، لن يكون لها الحق في المشاركة بصنع القرارات داخل مؤسسات الاتحاد الأوروبي المتعلقة بهذه السياسات.
وذكرت المفوضية أن الاتحاد سيتشاور مع لندن في مراحل مبكرة من صياغة السياسات، لضمان سماع وجهة نظرها. لكن أي تأخير من بريطانيا في تطبيق القواعد الأوروبية الجديدة سيعرّضها لإجراءات قانونية بموجب اتفاقية بريكست القائمة.
كما ستُلزم المملكة المتحدة، بموجب المقترح، بتقديم مساهمات مالية للمساهمة في تشغيل وكالات الاتحاد الأوروبي، وأنظمته، وقواعد بياناته، التي سيُسمح لها بالوصول إليها بموجب الاتفاقية المقترحة.
وفي ملف تجارة الانبعاثات، اقترحت المفوضية ربط نظام تداول الانبعاثات في بريطانيا بالنظام الأوروبي لضمان «التوافق الديناميكي» بين الطرفين، بهدف الحد من تسرب الكربون ومنع حدوث تشوهات تنافسية بين الصناعات على جانبي القنال الإنجليزي.
وستشمل القطاعات الخاضعة لهذا الربط مجالات مثل توليد الكهرباء، والتدفئة الصناعية، والصناعات الثقيلة، والنقل البحري والجوي المحلي والدولي. كما يتيح المقترح آلية مستقبلية لتوسيع قائمة القطاعات التي قد يشملها النظام.
وتنص الخطة الأوروبية أيضًا على ضرورة أن يكون المسار الذي تتبعه المملكة المتحدة في تقليص انبعاثاتها على الأقل «طموحًا» مثل ذلك الذي يلتزم به الاتحاد الأوروبي، مع احتفاظ الجانبين بحق المضي قدمًا نحو أهداف بيئية أكثر طموحًا بما يتماشى مع التزاماتهم الدولية.
ومن شأن الاتفاق أيضًا إعفاء بريطانيا من آلية تعديل حدود الكربون الأوروبية (CBAM)، وهي آلية تهدف إلى فرض رسوم على الواردات ذات البصمة الكربونية العالية لحماية الصناعة الأوروبية من المنافسة غير العادلة.
وفي حين تتطلب بعض الملفات السياسية الحصول على تفويضات قانونية من الدول الأعضاء قبل بدء التفاوض، مثل ملف تجارة الكهرباء، فإن ملفات أخرى يمكن التفاوض بشأنها مباشرة من جانب المفوضية لكونها ضمن اختصاص الاتحاد أو مغطاة مسبقًا باتفاقات قائمة.
على سبيل المثال، قد تتم مفاوضات عودة بريطانيا إلى برنامج إيراسموس التعليمي ضمن بنود اتفاقية التجارة الحالية التي تسمح بمشاركة المملكة المتحدة في برامج الاتحاد الأوروبي.
وتترقب الأوساط السياسية والاقتصادية في لندن وبروكسل مسار هذه المحادثات، وسط آمال بأن تؤدي إلى علاقة أكثر استقرارًا ووضوحًا بين الجانبين بعد سنوات من الاضطرابات التي أعقبت خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.



