المفوضية الأوروبية تقترح ميزانية تاريخية بـ1.816 تريليون يورو

أعلنت المفوضية الأوروبية، الأربعاء، عن مقترح ميزانية تاريخية للاتحاد الأوروبي المقبلة بقيمة 1.816 تريليون يورو للفترة الممتدة لسبع سنوات بدءًا من عام 2028، في خطوة تهدف إلى زيادة قدرات الاتحاد المالية لمواجهة التحديات الاقتصادية والجيوسياسية، لكنها تُنذر بسجالات محتدمة مع البرلمان الأوروبي وحكومات الدول الأعضاء.
ويمثل الرقم المقترح ارتفاعًا ملموسًا مقارنةً بالإطار المالي الحالي الذي بدأ في عام 2021، إذ سيرتفع الإنفاق إلى ما يعادل 1.26% من الدخل الوطني الإجمالي للاتحاد الأوروبي، مقارنة بنسبة 1.1% في الفترة السابقة.
ويرى مسؤولو المفوضية أن هذه الزيادة ضرورية لتعزيز القدرة الشرائية للاتحاد الأوروبي، خاصة في ضوء ارتفاع معدلات التضخم وسداد الديون المترتبة على حزم الإغاثة التي أُطلقت لمواجهة تداعيات جائحة كوفيد-19.
وقدمت أورسولا فون دير لاين، رئيسة المفوضية الأوروبية، مقترح الميزانية عقب مفاوضات داخلية مطوّلة استمرت أيامًا، أفضت إلى اتفاق داخل المفوضية على الأرقام النهائية.
وأوضحت فون دير لاين في بيان رسمي أن «الميزانية الجديدة ضرورية للحفاظ على قدرة الاتحاد الأوروبي على الاستثمار في مجالات الابتكار، والدفاع، والانتقال الأخضر والرقمي، إضافة إلى دعم قدرته على الصمود في وجه الأزمات».
لكن مقترح المفوضية قوبل سريعًا بانتقادات حادة من بعض الأطراف داخل البرلمان الأوروبي، على رأسهم سيغفريد موريشان، مفاوض الميزانية عن حزب الشعب الأوروبي، الذي ينتمي إليه حزب فون دير لاين.
ووصف موريشان طريقة المفوضية في حساب إجمالي الميزانية، التي تحتسب أثر التضخم المستقبلي لتصل إلى نحو تريليوني يورو، بأنها «مضللة» وقد تؤدي إلى خلق صورة غير دقيقة عن الحجم الحقيقي للإنفاق.
كما أعرب نواب من أطياف سياسية أخرى عن تحفظاتهم، معتبرين أن الأرقام المقترحة قد تكون مبالغًا فيها أو موجهة إلى أولويات لا تحظى بإجماع واسع.
وتشير التقديرات إلى أن المقترح سيفتح باب مفاوضات شاقة وطويلة قد تمتد لعامين على الأقل، إذ يتطلب إقراره موافقة البرلمان الأوروبي والدول الأعضاء بالإجماع.
ويرجح محللون أن تدفع بعض الحكومات باتجاه خفض حجم الميزانية أو إعادة ترتيب أولوياتها، لا سيما الدول الأكثر تشددًا فيما يخص ضبط الإنفاق العام.
وقدّم مفوض الميزانية الأوروبي، بيوتر سيرافين، تفاصيل المقترح أمام لجنة الميزانية في البرلمان الأوروبي، موضحًا أن الميزانية الجديدة ضرورية للاستمرار في تمويل المشروعات الكبرى للاتحاد، خاصة في مجالات الدفاع وأمن الطاقة، والبنية التحتية، والتكنولوجيا الحديثة.
ويُعبَّر عن الرقم الإجمالي البالغ 1.816 تريليون يورو بأسعار عام 2025، ويُقارن بميزانية قدرها 1.2 تريليون يورو للفترة بين عامي 2021 و2027 بالأسعار الحالية.
وبرغم أن الارتفاع المقترح كبير، إلا أن مسؤولي المفوضية أكدوا أن مثل هذه القفزات في الأرقام ليست غير مألوفة في المراحل المبكرة من النقاشات حول الأطر المالية طويلة الأجل.
ومن المتوقع أن تشهد بروكسل في الأشهر المقبلة نقاشات محتدمة حول حجم الميزانية وتوزيع مخصصاتها، في وقت يواجه فيه الاتحاد الأوروبي تحديات متزايدة، من الحرب في أوكرانيا إلى التوترات التجارية العالمية، فضلاً عن الضغوط الاقتصادية الداخلية التي تفرضها معدلات التضخم المرتفعة وأسعار الطاقة.



