Site icon أوروبا بالعربي

الأيسلنديون يؤيدون إعادة إطلاق محادثات الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي في ظل تحديات جيوسياسية

أعلنت وزيرة الخارجية الأيسلندية ثورجيردور كاترين جونارسدوتير عن وجود دعم شعبي متزايد في أيسلندا لاستئناف محادثات الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، وذلك قبيل زيارة رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين إلى العاصمة الأيسلندية ريكيافيك. تأتي هذه التطورات في ظل مناخ جيوسياسي معقد، يهيمن عليه التوتر التجاري بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، وتهديدات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بضم جرينلاند، الجزيرة المجاورة التي تتمتع بأهمية استراتيجية كبرى في شمال الأطلسي.

دعم شعبي متنامٍ رغم التحفظات

قالت جونارسدوتير في تصريحات لصحيفة بوليتيكو إن هناك “ما يكفي من الدعم الشعبي لإعادة فتح محادثات الانضمام”، مضيفة أن إعادة إطلاق هذه المحادثات “أمر حيوي بالنظر إلى الوضع الجيوسياسي الحالي”. وأشارت إلى أن أيسلندا قطعت شوطًا كبيرًا في مفاوضات الانضمام السابقة بين 2010 و2013، قبل أن تتوقف بسبب التغيرات السياسية الداخلية.

وفيما تشير استطلاعات الرأي إلى أن 58% من الأيسلنديين يؤيدون إجراء استفتاء حول استئناف المحادثات، فإن نسبة المؤيدين للانضمام الفعلي إلى الاتحاد الأوروبي تصل إلى 45% فقط، مقابل 35% يعارضون و20% لم يحسموا رأيهم بعد.

وتخطط الحكومة الائتلافية المؤيدة للاتحاد الأوروبي لإجراء استفتاء على استئناف المحادثات بحلول عام 2027، وسط توقعات بأن قضايا حساسة مثل مصائد الأسماك والزراعة والطاقة ستشكل محور خلافات محتملة.

زيارة أورسولا فون دير لاين وتعزيز العلاقات

تأتي زيارة رئيسة المفوضية الأوروبية لمقابلة رئيس الوزراء كريسترون فروستادوتير وزيارة قاعدة كيفلافيك الجوية الاستراتيجية كدليل على اهتمام الاتحاد الأوروبي بتعزيز التعاون مع أيسلندا، بغض النظر عن مستقبل عضويتها في الاتحاد.

قالت جونارسدوتير إن الزيارة “تؤكد على العلاقة الجيدة بين أيسلندا والاتحاد الأوروبي”، معربة عن أملها في “تعميق التعاون في المستقبل القريب”.

موقع استراتيجي بلا جيش

تتمتع أيسلندا بموقع استراتيجي مهم في شمال الأطلسي كونها العضو الوحيد في حلف شمال الأطلسي الذي لا يمتلك جيشًا نظاميًا. ومع ذلك، فهي تستضيف تدريبات حلف الأطلسي وتوفر البنية التحتية والدعم اللوجستي للحلف.

أكدت الوزيرة أن أيسلندا لا تخطط لإنشاء جيش نظامي، لكنها “جادة في تعزيز التعاون الدفاعي”، مع التركيز على مجالات مثل الدفاع السيبراني وتقوية خفر السواحل الوطني. ومن المتوقع أن يقر البرلمان الأيسلندي استراتيجية الدفاع الجديدة في الخريف، والتي تشمل تلبية هدف الإنفاق الدفاعي بنسبة 1.5% من الناتج المحلي الإجمالي.

ضغوط الولايات المتحدة وتوترات التجارة

تفرض الولايات المتحدة ضغوطًا على أيسلندا لتعزيز قدراتها الدفاعية، وسط تهديدات الرئيس ترامب بضم جرينلاند، وهي جزيرة شقيقة تقع في شمال الأطلسي، مما أثار قلقًا في أوساط الأيسلنديين.

وأشارت جونارسدوتير إلى أن الحكومة “تناقش تأثيرات تحركات واشنطن بشأن جرينلاند”، لكنها أكدت أن “أي قرار بشأن جرينلاند لا يمكن اتخاذه دون موافقة سكانها”.

وفي الوقت نفسه، تواجه أيسلندا تحديات من توترات تجارية محتملة بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، وهما الشريكان التجاريان الأساسيان. فرض ترامب رسومًا جمركية بنسبة 10% على أيسلندا، لكنها لم ترد حتى الآن بشكل متبادل، مع حرصها على الحوار المستمر مع واشنطن.

وقالت الوزيرة إن الاتحاد الأوروبي يجري محادثات لحل الخلافات مع الولايات المتحدة، وأن أي رد من جانب الكتلة “لا ينبغي أن يفرض قيودًا جديدة داخل المنطقة الاقتصادية الأوروبية”، التي تضم أيسلندا.

صمود وتحديات

بينما كانت الوزيرة تتحدث، شهد جنوب غرب أيسلندا ثوران بركاني جديد، ما اعتبرته إشارة إلى “صمود الشعب الأيسلندي وقدرته على التكيف مع التحديات”.

ويبدو أن أيسلندا تستعد لما هو قادم بعزيمة على تجاوز الضغوط السياسية والجغرافية، من خلال تعزيز علاقاتها الدولية وتحقيق توازن بين المصالح الوطنية والإقليمية، في مسعى لإعادة فتح صفحة جديدة في مسار عضويتها الأوروبية.

Exit mobile version