رئيسيشئون أوروبية

تخفيضات تمويل الاتحاد الأوروبي تجبر المنظمات غير الحكومية الصحية على تسريح موظفيها

تشهد المنظمات غير الحكومية الصحية العاملة في أوروبا أزمة تمويل حادة، دفعتها إلى تسريح عدد من موظفيها وإغلاق مكاتب في بروكسل، بعد أن تخلت المفوضية الأوروبية عن منح التشغيل المتوقعة للعام الحالي، مما أثار مخاوف من تأثيرات طويلة الأمد على الصحة العامة والديمقراطية الأوروبية.

وقالت الجمعية الأوروبية للصحة العامة (EUPHA)، ومقرها في أوتريخت، إنها اضطرت إلى إغلاق مكتبها في العاصمة البلجيكية وتسريح رئيس قسم الدعوة في يونيو الماضي، بسبب عدم حصولها على التمويل الذي تعهدت به المفوضية. ووصفت المديرة التنفيذية لوكالة المساعدة الإنسانية الأوروبية، شارلوت مارشانديز، هذا السلوك بأنه “انتهاك للثقة والتزامات قانونية محتملة”، مطالبة بتفسير رسمي.

منح تشغيلية مفقودة وضغوط متزايدة

تعتمد المنظمات غير الحكومية الصحية على منح تشغيلية من الاتحاد الأوروبي لتغطية نفقات التشغيل اليومية، بما في ذلك رواتب الموظفين، وبالتالي فإن فقدان التمويل يعني تحدياً مباشراً لاستمرار عملها. فقد وقعت حوالي 30 منظمة، من بينها EUPHA، اتفاقيات مع المفوضية الأوروبية لتحديد أنشطتها لعام 2024، تمهيداً لمنح تشغيلية لعام 2025، لكن معظم هذه المنح لم تصرف بعد، بل وأُبلغت بعض المنظمات بعدم توقع أي تمويل.

أدى ذلك إلى اتخاذ تدابير تقشفية قاسية، فصرح التحالف الأوروبي للصحة العامة (EPHA) في بروكسل أنه سيضطر إلى تسريح خمسة من موظفيه من أصل 13. بينما قالت أناماريا سوسيو، مديرة السياسات والمناصرة في التحالف الأوروبي لسياسات الكحول (يوروكير)، إن المنظمة مهددة بفقدان نصف موظفيها بسبب فقدان 60% من تمويلها السنوي الذي كانت تحصل عليه عادةً من الاتحاد الأوروبي.

في المقابل، أشار منتدى المرضى الأوروبي إلى أن موظفيه لم يُسرحوا بعد، لكن “المعنويات منخفضة بسبب عدم الاستقرار المالي وتأثيره على العمل”.

بيئة بروكسل تتغير لصالح قيود التمويل

تأتي هذه الأزمة في سياق سياسي متوتر يشهد تضييقاً متزايداً على المنظمات غير الحكومية في بروكسل، خاصة بعد الانتخابات الأوروبية الأخيرة التي أعادت تشكيل الأغلبية داخل البرلمان لصالح تيارات يمينية، والتي تزعم بعض أعضائها أن بعض المنظمات تستخدم التمويل الأوروبي لممارسة ضغط غير شفاف في سياسات البيئة وغيرها من المجالات.

في هذا السياق، أعلن ديرك غوتينك، عضو حزب الشعب الأوروبي، عن فتح تحقيق في تمويل المنظمات غير الحكومية، وسط اتهامات غير مثبتة تتعلق باستخدام الأموال الأوروبية للضغط الخفي. غير أن تحقيقًا أجرته بوليتيكو لم يجد أدلة على هذه الادعاءات، مؤكدة أن الاتحاد الأوروبي يلتزم بالشفافية في تمويل هذه المنظمات.

تحذيرات من عواقب وخيمة على الديمقراطية والصحة العامة
حذرت ميلكا سوكولوفيتش، المديرة العامة لـ EPHA، من أن “تراجع الدعم التشغيلي للمنظمات الصحية سيؤدي إلى أضرار تمتد سنوات طويلة”، مشددة على أن “الصحّة العامة هي التي ستدفع الثمن، وهذا يتجاوز الصحة ليطال الديمقراطية الأوروبية نفسها”.

كما أعرب عدة أعضاء في البرلمان الأوروبي ووزراء صحة من دول مثل إسبانيا وبلجيكا عن استيائهم من سياسة المفوضية، معربين عن قلقهم من أن فقدان التمويل يضر بحلفائهم في المجتمع المدني ويضعف صوت المواطنين في السياسات الصحية.

رد المفوضية الأوروبية

ردًا على هذه الانتقادات، قال متحدث باسم المفوضية الأوروبية لصحيفة بوليتيكو إن برنامج العمل النهائي لمبادرة EU4Health “قريب جداً من الاعتماد والنشر”، مشيرًا إلى أن “المفوضية تقدر مساهمة المجتمع المدني وأن العديد من الأنشطة الممولة في البرنامج المقبل ستشمل مشاركة واسعة للمنظمات غير الحكومية”.

وأضاف أن بعض الأنشطة ستُخصص خصيصًا للمنظمات غير الحكومية، في محاولة لتخفيف آثار التأخير في التمويل الحالي.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى