الاتحاد الأوروبي يتعهد باتخاذ إجراءات صارمة ضد تيمو وشين بسبب بيع سلع غير قانونية

أعلن مفوض العدل في الاتحاد الأوروبي، مايكل ماكجراث، عزمه اتخاذ خطوات حاسمة لمواجهة انتشار السلع غير القانونية والخطيرة التي تُباع عبر منصات التجارة الإلكترونية الصينية منخفضة التكلفة، مثل تيمو (Temu) وشين (Shein)، مؤكدًا أن حماية المستهلكين الأوروبيين تتطلب تشديد الرقابة وتطبيق صارم للقوانين.
وفي تصريح لصحيفة الغارديان البريطانية، أعرب ماكجراث عن “صدمته” من حجم السلع غير المتوافقة مع لوائح الاتحاد، والتي تُباع للمستهلكين عبر الإنترنت بأسعار منخفضة للغاية، من خلال طرود صغيرة تدخل يوميًا بالملايين إلى أراضي الاتحاد الأوروبي. وقال: “أنا مصمم على تعزيز تطبيق قوانين سلامة المنتجات وقواعد حماية المستهلك. من واجبنا ألا نسمح لهذا التهديد بأن يستمر دون رادع”.
انتشار واسع ومخاطر كبيرة
تُعتبر منصات مثل تيمو وشين من أبرز الأسماء في مجال التجارة الإلكترونية منخفضة السعر، وتستهدف بشكل خاص المستهلكين الباحثين عن صفقات سريعة من خلال شحنات صغيرة تُرسل مباشرة من الصين إلى أبواب المنازل. لكن وفقًا لتقرير حديث صادر عن البرلمان الأوروبي، فإن هذه الطريقة تمثل قناة رئيسية لدخول منتجات “غير آمنة وغير قانونية” إلى السوق الأوروبية، وأغلبها يأتي من تلك المنصات الصينية تحديدًا.
وقد أكدت نتائج التقرير أن الجمارك الأوروبية تواجه صعوبات حقيقية في فحص وضبط هذه الشحنات بسبب طبيعتها المتفرقة وصغر حجمها، مما يجعل تطبيق اللوائح عملاً شبه مستحيل في ظل غياب أدوات رقابة متطورة ودعم تشريعي كافٍ.
تحقيقات رسمية وشكاوى مستمرة
لم يكن موقف المفوض الأوروبي مفاجئًا، إذ فتحت المفوضية الأوروبية بالفعل تحقيقًا رسميًا في أكتوبر الماضي بشأن منصة تيمو، على خلفية شبهات بعدم امتثالها لقواعد السلامة الأوروبية، وعدم اتخاذ إجراءات فعالة لإزالة المنتجات المخالفة من قوائمها.
كما تخضع شركة شين أيضًا لتدقيق موسع، بعدما وُجهت إليها اتهامات بانتهاك قوانين حماية المستهلك الأوروبية، من بينها تقديم خصومات مزيفة والترويج لمعلومات مضللة تتعلق بالاستدامة والبيئة.
وفي هذا السياق، أشار سلفاتوري دي ميو، عضو البرلمان الأوروبي ومؤلف التقرير الأخير، إلى أن غياب الضوابط الفعالة “يعرض سلامة المستهلكين للخطر ويضر بالمنافسة العادلة”، مضيفًا أن الشركات الأوروبية الملتزمة بالقوانين تجد نفسها في موقع غير متكافئ أمام منصات تبيع بلا ضوابط.
حماية المستهلكين وتكافؤ الفرص
إلى جانب البعد الأمني، شدد ماكجراث على الأثر الاقتصادي الأوسع لهذه الممارسات، مؤكدًا أن “الأمر لا يتعلق فقط بحماية المستهلكين من المخاطر، بل أيضًا بتحقيق العدالة في السوق”. وأوضح أن الشركات الأوروبية تُطالب بتطبيق لوائح صارمة ومكلفة، بينما تتساهل بعض المنصات الأجنبية في الامتثال، مما يخلق خللاً في بيئة المنافسة العادلة داخل السوق الموحدة.
الخطوة التالية: تشريعات وتنسيق جمركي
يرى مراقبون أن تصريحات ماكجراث تُمهّد لاتخاذ إجراءات أكثر صرامة في الأشهر المقبلة، قد تشمل تعديلات تشريعية تُجبر المنصات على تعيين ممثلين قانونيين داخل الاتحاد الأوروبي، أو فرض التزامات تتعلق بمصدر المنتجات والتحقق من سلامتها قبل الشحن.
ويطالب بعض النواب بتأسيس منظومة رقمية موحدة لفحص وتتبع الطرود الصغيرة، إلى جانب تعزيز التنسيق بين السلطات الجمركية وهيئات الرقابة.
وفي مواجهة طوفان من المنتجات الرخيصة والمخاطر الخفية، يبدو أن الاتحاد الأوروبي يستعد لتدشين مرحلة جديدة من الرقابة الرقمية والتجارية المشددة، في معركة تهدف إلى حماية المستهلك، وفرض سيادة القانون على كل من يدخل السوق، سواء كان مصنعًا محليًا أو منصة إلكترونية عملاقة في الجانب الآخر من العالم.



