رئيسيشؤون دولية

بريطانيا تقمع فعاليات التضامن مع غزة: اعتقال العشرات خلال مظاهرة في لندن

اعتقلت شرطة العاصمة البريطانية 55 متظاهرًا يوم السبت خلال احتجاج حاشد أمام البرلمان البريطاني، نظّمه نشطاء للتنديد بقرار الحكومة حظر حركة “فلسطين أكشن” بموجب قوانين مكافحة الإرهاب. جاء الاحتجاج في إطار موجة تضامن شعبي متواصلة مع قطاع غزة، الذي يتعرض منذ شهور لحرب مدمرة.

ورفع المحتجون لافتات كتب عليها: “أنا أعارض الإبادة الجماعية. أنا أدعم العمل من أجل فلسطين”، في إشارة إلى دعمهم للجماعة التي تم حظرها مؤخرًا. ولم تمضِ دقائق على بدء المظاهرة حتى باشرت الشرطة تفريق المشاركين بالقوة، ونقلهم في عربات احتجاز، وسط صرخات تندد بالقمع وتكميم الأفواه.

احتجاجات متزامنة في أنحاء البلاد

لم تقتصر الاحتجاجات على لندن، فقد شهدت أدنبرة وكورنوال ومدن بريطانية أخرى فعاليات مماثلة، أبدى خلالها المواطنون رفضهم لما وصفوه بـ”استغلال قانون الإرهاب لإسكات النشطاء المدافعين عن العدالة في فلسطين”، وأسفرت بعضها عن اعتقالات إضافية.

في المقابل، سمحت الشرطة بتنظيم مظاهرة مضادة مؤيدة لإسرائيل في ساحة البرلمان، حيث حمل المشاركون لافتات تنكر وجود إبادة جماعية في غزة وتصف سكان القطاع بأنهم “مليوني درع بشري”، ما أثار انتقادات بشأن ازدواجية المعايير في التعامل الأمني مع الفعاليات.

خلفية الحظر: اقتحام القاعدة الجوية

تعود جذور الأزمة إلى قرار الحكومة البريطانية في 4 يوليو/تموز الجاري بتصنيف “فلسطين أكشن” كـ”منظمة إرهابية”، عقب حادثة اقتحم فيها عدد من أعضائها قاعدة بريز نورتون الجوية الملكية، وقاموا برسم طائرتين قالوا إنهما “شاركتا في عمليات عسكرية في غزة والشرق الأوسط”.

ويُعد هذا الحظر الأول من نوعه الذي تُجرِّم فيه بريطانيا جماعة ناشطة في العمل المباشر السلمي بموجب قانون الإرهاب. وبموجب القرار، أصبح الانتماء أو الدعم للجماعة يُعد جريمة يُعاقب عليها بالسجن حتى 14 عامًا.

انتقادات حقوقية وأممية

واجه القرار إدانة واسعة من منظمات حقوقية وشخصيات أممية بارزة. وقالت منظمة العفو الدولية في المملكة المتحدة إن القرار يشكّل سابقة خطيرة في استخدام قوانين مكافحة الإرهاب لقمع حرية التعبير والاحتجاج السلمي.

وصرّح ساشا ديشموك، الرئيس التنفيذي للمنظمة، بأن: “تشريعات الإرهاب وُضعت للتعامل مع تهديدات فعلية للأمن العام، وليس لمواجهة حركات احتجاج سلمية. استخدامها ضد مجموعة مثل فلسطين أكشن يمثل انتهاكًا خطيرًا للغرض الأصلي من هذه القوانين”.

كما حذّر خبراء من الأمم المتحدة من أن هذا النهج قد يؤدي إلى تقويض سيادة القانون، ويُستخدم كذريعة لتجريم أي معارضة سياسية أو نشاط حقوقي في المستقبل.

أصوات غاضبة

أحد المتظاهرين، الذي طلب عدم الكشف عن اسمه، قال لموقع Middle East Eye:

“نحن هنا لأننا نرفض أن يُعامل التضامن مع فلسطين كجريمة. ما تفعله الحكومة هو تجريم التعاطف مع شعب يتعرض لحرب إبادة، وهذا أمر غير مقبول”.

وأضاف متظاهر آخر: “إذا كانت المعارضة العلنية لقتل الأطفال ومهاجمة المستشفيات تستدعي الاعتقال، فربما نحن جميعًا بحاجة لأن نُعتقل”.

ويثير حظر “فلسطين أكشن” وتسارع وتيرة الاعتقالات في صفوف المتضامنين مع غزة أسئلة خطيرة حول الحريات المدنية في المملكة المتحدة، وقدرة المواطنين على التعبير عن رأيهم في السياسات الخارجية لحكومتهم. وبينما يواصل قطاع غزة دفع ثمن حرب مدمّرة، يبدو أن صوته، حتى عندما يصل لندن، يُقابل بالقيود الحديدية والاتهامات بالإرهاب.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى