في تصعيد جديد للنزاع التجاري بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، أعلنت المفوضية الأوروبية، اليوم الأربعاء، عن خطة لدمج حزمتين من التدابير الانتقامية في قائمة واحدة، تبلغ قيمتها الإجمالية نحو 93 مليار يورو من الواردات الأمريكية، استعدادًا لاحتمال فشل المحادثات الجارية مع إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
ويأتي هذا التحرك بينما تواصل بروكسل وواشنطن مفاوضات شاقة لتجنب اندلاع حرب تجارية واسعة النطاق، خصوصًا بعد تهديد ترامب الأخير بفرض رسوم جمركية بنسبة 30% على صادرات الاتحاد الأوروبي إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق بحلول الأول من أغسطس/آب المقبل.
خطوة هجومية محسوبة
وقال أولوف جيل، المتحدث باسم المفوضية الأوروبية لشؤون التجارة، في إفادة صحفية: “لجعل إجراءاتنا المضادة أوضح وأبسط وأكثر فعالية، سنقوم بدمج القائمتين 1 و2 في قائمة واحدة”.
وأشار إلى أن القائمة الموحدة تشمل منتجات أمريكية بارزة مثل مشروب البوربون، والطائرات، وفول الصويا، وهي سلع تمثل قطاعات حساسة في الاقتصاد الأمريكي.
وستدخل هذه القائمة المُجمّعة حيّز التنفيذ في 7 أغسطس/آب، إلا أن المفوضية تحتفظ بحق تأجيل تنفيذها، بناءً على تطورات المفاوضات.
القائمة الأولى تتعلق بالرسوم التي فرضها ترامب في مارس على الصلب والألومنيوم، بينما تضم الثانية إجراءات انتقامية تم تطويرها مؤخرًا ردًا على تهديدات ترامب الجديدة، وهي الآن بانتظار تصويت الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي البالغ عددها 27 دولة.
المفاوضات تدخل مرحلة حرجة
أكد جيل أن أولوية الاتحاد الأوروبي لا تزال التوصل إلى تسوية تفاوضية، لكنه شدد في الوقت ذاته على ضرورة التحضير لكل السيناريوهات.
وقال جيل “نواصل المفاوضات على قدم وساق، وفي الوقت ذاته نعد العدّة لجميع النتائج الممكنة”.
ومن المقرر أن يتحدث مفوض التجارة الأوروبي ماروش شيفتشوفيتش في وقت لاحق من اليوم مع وزير التجارة الأمريكي هوارد لوتنيك، في محاولة جديدة لتضييق هوة الخلافات، خصوصًا في ملف الرسوم الجمركية على المنتجات الصناعية الأوروبية.
ترامب يضغط.. وأوروبا ترد
في خطوة تُنظر إليها على أنها تكتيك تفاوضي حاد، أعلن الرئيس ترامب مساء أمس عن اتفاق جديد مع اليابان، ينص على فرض رسوم بنسبة 15% على جميع المنتجات اليابانية، بما فيها السيارات، مما زاد الضغط على بروكسل لتأمين مصالحها التصديرية.
وبينما يسعى الاتحاد الأوروبي إلى الحصول على إعفاءات أو ضمانات بشأن صادراته من السلع الصناعية، لا سيما في قطاع السيارات، يبدو أن إدارة ترامب مصممة على استخدام سياسة التعريفات كأداة تفاوضية رئيسية لإعادة رسم موازين التجارة العالمية، بما يتماشى مع شعاره الانتخابي “أمريكا أولاً”.
ضغوط داخلية أوروبية
وفي الوقت الذي تستعد فيه المفوضية لتفعيل الحزمة الانتقامية، تتصاعد الضغوط داخل بعض العواصم الأوروبية، لا سيما باريس وبرلين، للحفاظ على وحدة الموقف الأوروبي وتجنب الانقسام حول الخيارات الاقتصادية.
وتخشى شركات أوروبية كبرى من أن تتحول المواجهة إلى سلسلة طويلة من الإجراءات الحمائية المتبادلة، ما يُهدد سلاسل التوريد الصناعية المعولمة ويزيد من التكاليف على المستهلكين والمصنعين في آن واحد.
من التصعيد إلى المجهول
يرى مراقبون أن دمج حزمتي الرد الأوروبي يهدف إلى إرسال رسالة حازمة إلى واشنطن مفادها أن بروكسل لن تقف مكتوفة الأيدي أمام سياسة “العصا الجمركية” التي تنتهجها إدارة ترامب.
ومع اقتراب الأول من أغسطس، الموعد الذي حدده ترامب كمهلة أخيرة، تبدو احتمالات التوصل إلى اتفاق ضعيفة ما لم تحدث انفراجة مفاجئة في المحادثات المقبلة.

