داخل عالم الجواسيس الخاصين في بريطانيا: أرض جيمس بوند بلا رقابة واضحة

وسط شوارع لندن الفاخرة، وعلى مقربة من مناطق مايفير الراقية، تنتشر شركات تجسس خاصة تُدار بيد ضباط استخبارات سابقين وضباط شرطة وصحفيين ورجال أمن، ما يجعل بريطانيا تُعرف بـ”قلب العالم السري”.
تصاعد القطاع: خبرة سرية وخدمات خاصة
تُعد شركات الاستخبارات الخاصة في بريطانيا مثل Hakluyt وSurefire وKroll من على أشدها ارتباطًا بالقدامى من MI6 وMI5، حيث يكون اسمك في مجلس الإدارة علامة جذب للعملاء. تقول POLITICO إن معظم العلماء والخبراء السابقين لا يكشفون عن خلفياتهم الاستخباراتية للعموم، بالاستعاضة عن “خبرة حكومية رفيعة”، لتفادي إثارة الشبهات
يروي أحدهم (طلب عدم الكشف عن هويته) أن “العظماء والصالحين” يجلسون في المجالس، لكن الواقع يكمن في أن المستثمرين الأجانب يرغبون في “رئيس سابق لـMI6” أو “رئيس سابق للأمن”. إذ تُعتبر هذه الخلفيات بروفة قيّمة للبعض.
بيئة شبه قانونية: بلا مراقبة فعلية
تعمل هذه الشركات خارج إطار تنظيمي صارم. وفق تحقيق في The Guardian، فإن خصخصة المراقبة في بريطانيا تُجري ضمن “رمادي قانوني”: يمكن للجهات الخاصة مراقبة وتحليل بيانات الأشخاص بشرط عدم انتهاك قوانين التلصّص أو القرصنة. وغالبًا ما تكون هذه الأعمال سرية ولا تراقبها جهات مستقلة إلا نادرًا
وتشير Privacy International إلى أن هذه الصناعة تفتقد “للرقابة الواقعية”، مما يعرض الخصوصية وحقوق الإنسان والثقة العامة للخطر.
خبراء استخبارات إلى القطاع الخاص
يعد “انتقال المعرفة” هو العنصر الأساس في تجمع الجواسيس الخاصين. يقول مسؤول سابق إن الكثير من العملاء يُجذَبون لهذه الشركات لأن موظفيها “خدموا في وكالة سرية”، ما يعطيهم ميزة تسويقية قوية. ويُعتبر لجوء جواسيس سابقين إلى القطاع الخاص نتيجة عدم رغبتهم بالابتعاد عن جمع المعلومات، أو توقعاتهم بأجر أعلى.
في مقابل هؤلاء الحكوميين السابقين، يذكر أن أمريكا تطبق حظرًا على من يغادرون أجهزة الاستخبارات قبل انتقالهم إلى القطاع الخاص—تجربة غير موجودة في بريطانيا.
نطاق واسع: من فحص خلفيات إلى اختراق الخصوصية
تركّز شركات الاستخبارات الخاصة خدماتها على قراءة واسترجاع المعلومات عبر جمعيات قانونية وتجارية وحتى شركات دولية. تتراوح أعمالها بين “العناية الواجبة” للشركات وحتى استخدام “تقنيات متقدمة” منها المراقبة الإلكترونية وجمع أدلة تتعلق بالقضية القانونية.
ورغم أن “البحث عن الخصوم”، وتخريب السمعة، وجمع الوثائق والشهادات الشرعية هي أعمال منتظمة، إلا أن بعضها يدخل في سياقات مليئة بالرمادي الأخلاقي أو حتى القانوني.
فضائح وأمثلة معروفة
في عام 2017، اضطرت الشركة الإسرائيلية Black Cube للاعتذار بعد انكشاف دور موظفيها في التسلل والتجسس على صحفيين بمزاعم تورط Harvey Weinstein، قبل أن تستمر عملياتها في لندن ضمن ما تشبه “شبكة استخبارات خاصة”.
كما كشفت تقارير Wired أن MI5 وMI6 وGCHQ استخلصوا بيانات ضخمة بشكل غير قانوني لأشهر عبر حماية الاتصالات؛ وهو ما أدى إلى انتقادات حادة حول انتهاك الخصوصية الجماعية.
خطر تجسسي وجماهيري
يُحذّر المعنيون من أن الخبراء السابقين يعملون الآن وفق أوامر مدفوعة من دول أجنبية أو شركات عملاقة، بما يضع حقوق المستهدفين وخصوصيتهم على المحك. في حال رفع قضية، يتطلب الأمر وقتًا طويلاً وتكاليف هائلة — مما يجعل من الصعب محاسبة هذه الشركات قانونيًا.
مطالب الرقابة: هل يحصل توافق؟
تطالب منظمات مثل Privacy International بتنظيم صارم وتنفيذ عمليات تدقيق شاملة. وتشمل الاقتراحات اعتماد ترخيص إلزامي لخدمات الاستخبارات الخاصة وتحديد سقف للصلاحيات المسموح بها .
كما توجد توصيات بإضافة التفتيش القضائي والرقابة البرلمانية لضمان نزاهة عمليات جمع البيانات والتحقيقات التي تقوم بها هذه الشركات.



