الاتحاد الأوروبي تحت الضغط: اتفاق التجارة مع ترامب “أفضل الممكن”

قال ماروش شيفتشوفيتش، المفوض التجاري للاتحاد الأوروبي، إن الاتفاق التجاري الأخير مع الولايات المتحدة بقيادة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب كان “أفضل صفقة ممكنة في ظل ظروف صعبة للغاية”، مدافعًا عن جهود بروكسل في مواجهة تهديد واشنطن بفرض رسوم جمركية تصل إلى 30% على معظم السلع الأوروبية اعتبارًا من الأول من أغسطس.
وفي محاولة لتفادي تلك الإجراءات العقابية، سافرت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين وفريقها التفاوضي إلى منتجع تيرنبيري في اسكتلندا – المملوك لترامب – حيث تم التوصل إلى اتفاق أولي خلال ساعة واحدة فقط.
لكن في حين تصف المفوضية الصفقة بأنها نجاح دبلوماسي وتجاري ضروري، يرى منتقدون في فرنسا وألمانيا أن ما جرى كان خضوعًا سياسيًا مفرطًا لمطالب ترامب، ويثير القلق بشأن مكانة الاتحاد الأوروبي على الساحة العالمية.
ترامب يفرض رؤيته… وبروكسل تتراجع
ينص الاتفاق على فرض رسوم جمركية بنسبة 15% على معظم واردات الاتحاد الأوروبي إلى الولايات المتحدة، وهي أقل من النسبة التي هدد بها ترامب سابقًا. كما وافق الاتحاد الأوروبي على شراء طاقة أمريكية بقيمة 750 مليار دولار، وزيادة استثماراته في الولايات المتحدة بمقدار 600 مليار دولار.
وفي المقابل، لم تنجح بروكسل في الحصول على إعفاءات جمركية كاملة على بعض الصادرات الحيوية مثل السيارات، بينما ستظل واردات الصلب والألمنيوم الأوروبية خاضعة لرسوم بنسبة 50%.
ترامب من جانبه وصف الاتفاق بأنه “نقطة تحول” في العلاقات بين الجانبين، مضيفًا أنه “سينقذ التجارة الأوروبية والوظائف الأوروبية” – وهو خطاب جذب ترحيبًا فوريًا من ألمانيا وإيطاليا، لكنه قوبل بالصمت والتذمر من باريس.
ردود فعل متباينة داخل الاتحاد
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لم يصدر تعليقًا رسميًا حتى الآن، لكن رئيس وزرائه فرانسوا بايرو وصف الاتفاق بأنه “خضوع كامل للبيت الأبيض”.
في حين اعتبرت رابطة الصناعات الألمانية (BDI) أن الاتفاق “إشارة كارثية”، وذهبت رابطة الشركات الفرنسية الكبرى (MEDEF) إلى حد القول إن “الاتحاد الأوروبي لم يُحترم”.
وقالت فاليري هاير، زعيمة مجموعة التجديد الليبرالية في البرلمان الأوروبي: “الدرس من هذه الصفقة هو أننا عملاق اقتصادي، لكننا لا نزال قزمًا سياسيًا”.
نقاط ضعف الاتفاق
من بين النقاط المثيرة للقلق أن الاتفاق ليس ملزمًا قانونيًا بعد، ولا يزال بحاجة إلى المصادقة عليه عبر بيان مشترك رسمي قبل الأول من أغسطس.
كما تركت بروكسل العديد من الملفات مفتوحة، مثل مصير صادرات الأدوية وأشباه الموصلات الأوروبية، والتي قد تواجه لاحقًا تعريفات جمركية مرتفعة في غياب أي ضمانات مكتوبة من الجانب الأمريكي.
بيرند لانج، رئيس لجنة التجارة في البرلمان الأوروبي، قال صراحة: “لقد فاز ترامب، ليس هناك شك. لقد اضطررنا إلى التراجع”.
أدوات لم تُستخدم
كانت بروكسل قد جهزت ما يسمى بـ”البازوكا التجارية” – وهي أداة مكافحة الإكراه – بهدف الرد على أي تصعيد من واشنطن، تتضمن فرض رسوم انتقامية على سلع أمريكية بقيمة تصل إلى 100 مليار يورو، وتقييد دخول الشركات الأمريكية إلى مناقصات الاتحاد الأوروبي.
لكن المفوضية لم تلجأ إلى أي من هذه الأدوات، وسط انقسام أوروبي واضح وتردد في المخاطرة بتصعيد الأزمة مع واشنطن.
إلفير فابري، الخبيرة في معهد جاك ديلور بباريس، لخصت الأمر قائلة: “لم تكن هناك جبهة أوروبية موحدة، والاعتماد على الضمانات الأمنية الأمريكية لأوكرانيا، وعلى واردات الطاقة، حدّ من قدرة الاتحاد الأوروبي على المواجهة”.



