تكنولوجيارئيسي

شركة ترامب الإعلامية تطلق محرك بحث مدعوم بالذكاء الاصطناعي وسط جدل حول التحيّز وتضارب المصالح

في خطوة مثيرة للجدل، أعلنت شركة “ترامب للإعلام والتكنولوجيا” – الذراع الإعلامي للرئيس الأمريكي دونالد ترامب – عن إطلاق النسخة التجريبية العامة من محرك بحث جديد مدعوم بالذكاء الاصطناعي يحمل اسم Truth Search AI، بالتعاون مع شركة الذكاء الاصطناعي الناشئة Perplexity.

ويُتاح محرك البحث الجديد حاليًا عبر منصة Truth Social، التي أطلقها ترامب عقب حظره من تويتر وفيسبوك في أعقاب اقتحام مبنى الكابيتول الأمريكي في 6 يناير 2020. وتصف الشركة هذا المشروع بأنه “ابتكار لتعزيز حرية التعبير” و”بديل للمصادر الإخبارية المتحيزة التي تهيمن على نتائج البحث”.

محتوى محافظ و”شفافية موجهة”
وفقًا لاختبارات أجرتها صحيفة ذا ناشيونال، فإن نتائج البحث التي يقدمها محرك Truth Search تعتمد إلى حد كبير على مصادر إعلامية ذات توجه محافظ. ويبدو أن خوارزميات الذكاء الاصطناعي تفضل مواقع مثل Fox News وThe Daily Wire وNewsmax عند تقديم إجاباتها للمستخدمين، وهو ما أثار مخاوف بشأن التحيز المعلوماتي.

وقال دميتري شيفلينكو، كبير مسؤولي الأعمال في Perplexity:

“الفضول هو محرك التغيير. وقد تم تصميم تقنيتنا لتمكين المستخدمين من الحصول على إجابات دقيقة وموثوقة، مع توثيق شفاف للمصادر، بما يسمح بالتعمق والتحقق”.

لكن بعض المراقبين يرون أن المنصة توجّه المستخدمين نحو خطاب يميني محافظ، ما قد يُعزز “غرف الصدى الرقمية” ويُقلل من التنوّع المعلوماتي.

استراتيجية بديلة لمواجهة هيمنة جوجل
إطلاق Truth Search يأتي في وقت حساس تشهده سوق البحث الإلكتروني، إذ تنتظر شركة Google قرارًا قضائيًا حاسمًا في قضية احتكار قد تُهدد سيطرتها التاريخية على مجال البحث في الإنترنت.

تأمل Perplexity، وهي شركة ناشئة تسعى لمنافسة جوجل، أن يساعد تعاونها مع ترامب في توسيع قاعدتها الجماهيرية، لا سيما بين جمهور اليمين الأمريكي الذين فقدوا الثقة في “المنصات الليبرالية”.

تطبيق مستقل قادم
أعلنت شركة ترامب الإعلامية أنها ستُطلق قريبًا تطبيقًا مستقلًا لمحرك Truth Search على الهواتف الذكية بنظامي iOS وAndroid. وقال ديفين نونيس، الرئيس التنفيذي للشركة، إن محرك البحث “سيُسهم في جعل Truth Social عنصراً أكثر حيوية في الاقتصاد الوطني”، في إشارة إلى دعم ما يسميه المحافظون “الاقتصاد المناهض للاستيقاظ”.

وأضاف نونيس أن المنصة ستخضع لتحسينات موسعة استنادًا إلى تعليقات المستخدمين، مع تعزيز قدراتها التقنية ورفع مستوى التفاعل معها.

مخاوف من تضارب المصالح
إطلاق المحرك الجديد يأتي وسط تزايد الجدل حول تضارب المصالح المحتمل المرتبط بإمبراطورية ترامب التجارية. ففي رسالة رسمية وجهتها السيناتور الديمقراطية إليزابيث وارن إلى عدة وكالات فيدرالية، عبّرت عن قلقها من تدخل الرئيس الأمريكي في الشؤون التنظيمية بطريقة قد تُضر بالمستهلكين والمنافسين.

وحذرت وارن من أن ترامب وشركاءه “قد يتدخلون بشكل غير ملائم مع هيئات مثل لجنة التجارة الفيدرالية ولجنة الاتصالات الفيدرالية”، بسبب إطلاق خدمات مثل Trump Mobile، أو منصات تحمل اسمه، رغم زعم البيت الأبيض أن ترامب “غير مشارك فعليًا أو تقنيًا في إدارة هذه الكيانات”.

هذه الانتقادات تأتي في سياق أوسع من الاتهامات التي تواجهها شركات ترامب بأنها تُستخدم كأدوات لتعزيز نفوذه السياسي والمالي، خصوصًا مع اقتراب الانتخابات المقبلة.

الذكاء الاصطناعي في قلب المعركة السياسية
يُشار إلى أن هذه المبادرة تأتي بعد أسابيع فقط من إعلان ترامب عن خطة وطنية للذكاء الاصطناعي، والتي لاقت ترحيبًا من بعض اللاعبين الكبار في وادي السيليكون. ويرى مراقبون أن ترامب يسعى لتقديم نفسه كرائد في مجال الابتكار التكنولوجي، مستفيدًا من أدوات الذكاء الاصطناعي لتعزيز رواياته السياسية.

لكن النقاد يرون في محرك Truth Search محاولة جديدة “لإعادة هندسة المعلومات”، بحيث تُعرض الأخبار وفق أجندة حزبية محددة، بدلًا من تقديم نتائج بحث موضوعية ومتوازنة.

المستقبل بين الشفافية والدعاية
مع استمرار اختبار Truth Search، يبقى مستقبل المشروع مرهونًا بمدى استجابته لمعايير الحياد المعلوماتي، لا سيما في وقت تُعد فيه حرية الوصول إلى المعلومات أولوية في المشهد الرقمي الأمريكي. في المقابل، يرى أنصار ترامب أن هذه الخطوة “استعادة للسيادة المعلوماتية” التي يعتقدون أنها اختطفت من قبل شركات التكنولوجيا الكبرى.

ويبقى السؤال الأبرز: هل سيكون Truth Search مشروعًا تقنيًا مبتكرًا أم مجرد أداة جديدة في معركة النفوذ السياسي والإعلامي؟ الوقت وحده سيجيب.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى