ترامب يقيس رد فعل أوروبا على عرض بوتين لوقف إطلاق النار في أوكرانيا

بينما تواصل إدارة ترامب سعيها لإيجاد حل دبلوماسي للحرب الأوكرانية، تركز الولايات المتحدة على ردود أفعال حلفائها الأوروبيين تجاه عرض الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لوقف إطلاق النار. في الأيام الأخيرة، جرت مكالمات مكثفة بين البيت الأبيض وحلفاء أمريكا في أوروبا لمناقشة شروط بوتين التي تم نقلها عبر المبعوث الأمريكي الخاص، ستيف ويتكوف، والذي التقى بوتين في موسكو هذا الأسبوع.
عرض بوتين لوقف إطلاق النار: تبادل الأراضي ومخاوف من المناورة الروسية
وفقًا للمسؤولين في البيت الأبيض، أبلغ ويتكوف ترامب بأن الرئيس الروسي مستعد للموافقة على وقف الأعمال العدائية في أوكرانيا إذا تمت الموافقة على تبادل بعض الأراضي بين روسيا وأوكرانيا. هذا العرض يأتي بعد أكثر من ثلاث سنوات من الحرب المستمرة والتي أسفرت عن دمار هائل في أوكرانيا.
ترامب، الذي يخطط للقاء بوتين في ألاسكا يوم 15 أغسطس 2025، تحدث عن فكرة “تبادل الأراضي” في مقابلة مع الصحفيين يوم الجمعة، مؤكداً أن الأمر معقد وسيتم مناقشته بتفصيل أكبر في القمة المرتقبة. وتعتبر فكرة “تبادل الأراضي” من النقاط المثيرة للجدل، حيث أنها تتضمن إمكانية تنازل أوكرانيا عن مناطق مثل دونباس لصالح روسيا، وهو ما ترفضه كييف بشكل قاطع.
القلق الأوروبي: الحذر من خدعة روسية
على الرغم من التفاؤل الحذر الذي أبداه ترامب، يبدي المسؤولون الأوروبيون قلقهم من أن عرض بوتين قد يكون مجرد تكتيك روسي لتفادي العقوبات الأمريكية الجديدة دون تقديم تنازلات حقيقية. في اتصال مع الصحفيين، أشار مسؤول أوروبي رفيع إلى أن الضغط المشترك من واشنطن وحلفائها قد يكون هو السبب وراء استعداد بوتين للقاء ترامب، لكنه حذر من أن موسكو قد تسعى لتجنب تقديم أي تنازلات ملموسة.
وأضاف المسؤول الأوروبي أن “بوتين يستجيب للضغوط الجادة من ترامب وحلفائه الأوروبيين، ويبدو أن هناك بعض التقدم، لكننا بحاجة إلى المزيد من الضغط لتحقيق نتائج أفضل”.
مشاركة ترامب: سعيه للضغط على موسكو للحصول على تنازلات
من جهته، يواصل ترامب الضغط على روسيا عبر التهديد بفرض عقوبات جديدة، بما في ذلك رسوم جمركية على دول مثل الهند التي تساعد في تمويل آلة بوتين الحربية من خلال شراء النفط الروسي. وفي الوقت نفسه، سمحت الولايات المتحدة لحلفائها الأوروبيين بشراء الأسلحة الأمريكية لاستخدامها في الصراع الأوكراني، مما يعزز من دعمها لأوكرانيا.
في ظل هذا السياق، قال ترامب في تصريحاته الأخيرة إنه يعتقد أن بوتين “يريد السلام” وهو مستعد للاستماع إليه. إلا أن ترامب أكد في الوقت نفسه أن أي اتفاق يجب أن يكون مُرضيًا لأوكرانيا أيضًا. وفيما يتعلق بلقاء بوتين، أضاف ترامب: “حدسي يُخبرني أن لدينا فرصة، وسنكتشف ذلك لاحقًا، ولكن لدينا فرصة.”
القمة المقبلة: تحديات أمام التوصل إلى اتفاق
رغم الاستعدادات لعقد قمة بين ترامب وبوتين، تظل مواقف أوكرانيا حاسمة في تحديد إمكانية التوصل إلى تسوية سلمية. الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي قد شدد على أن أوكرانيا لن تقبل بأي حلول إقليمية تؤدي إلى تنازل عن الأراضي التي تحتلها روسيا، بما في ذلك القرم ودونباس.
وبالرغم من تصريحات ترامب، الذي أكد أنه سيلتقي بوتين بغض النظر عن موقف زيلينسكي، يبقى أن هذا اللقاء قد لا يفضي إلى نتيجة ملموسة إذا استمرت الخلافات حول الأراضي والقضايا الأمنية الأخرى.
الضغط الداخلي على بوتين: العودة إلى المفاوضات
مقابل المواقف الأمريكية والأوروبية، يبقى أن بوتين يسعى لتحقيق “نصر سياسي” في هذه المفاوضات، خاصة بعد خسارته العسكرية في خيرسون. وتعتبر عودة بوتين إلى طاولة المفاوضات بعد أكثر من ثلاث سنوات من الحرب بمثابة محاولة لإعادة وضعه على الساحة الدولية، لكن العديد من المحللين يرون أن موسكو قد تسعى فقط إلى تجميد النزاع دون تحقيق أي تسوية نهائية.
الطريق إلى السلام ما زال غير واضح
في الوقت الذي تواصل فيه الولايات المتحدة وحلفاؤها الأوروبيون جهودهم للضغط على روسيا، يبقى مستقبل الحرب في أوكرانيا غير محدد. ومع استعداد ترامب للقاء بوتين في ألاسكا، يظل السؤال الأبرز: هل سيؤدي هذا الاجتماع إلى تغيير حقيقي في مسار الحرب، أم أن التصعيد سيستمر؟



