نتنياهو يرفض الخطط الأوروبية ‘المخزية’ للاعتراف بالدولة الفلسطينية

رفض رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخطط الأوروبية المتزايدة للاعتراف بدولة فلسطين، ووصفها بأنها “خرافة” و”مخزية”. وجاءت هذه التصريحات في وقت حساس حيث كان المجتمع الدولي يشهد تصاعدًا في الانتقادات للحملة العسكرية الإسرائيلية في غزة، والتي أسفرت عن مقتل عشرات الآلاف من المدنيين الفلسطينيين، وسط تزايد عمليات الاستيطان الإسرائيلي في الضفة الغربية.
الخطط الأوروبية والاعتراف بفلسطين
في الأسابيع الأخيرة، أعلن عدد من الدول الأوروبية عن نيتها الاعتراف بدولة فلسطين رسميًا، بما في ذلك فرنسا والمملكة المتحدة وكندا. في وقت سابق، كانت النرويج وإسبانيا وأيرلندا قد اعترفت بفلسطين كدولة ذات سيادة في عام 2024، وهو ما عزز الضغوط على إسرائيل لتقديم تنازلات في إطار جهود السلام.
لكن رد رئيس الوزراء الإسرائيلي كان حازمًا، حيث وصف تلك الخطط بأنها “خرافة” و”مخيبة للآمال”. وفي مؤتمر صحفي، أضاف نتنياهو: “إن انزلاق الدول الأوروبية وأستراليا إلى هذا المأزق أمرٌ مُخيّب للآمال، بل أعتقد أنه مُخزٍ بالفعل. لكن هذا لن يُغيّر موقفنا. لن نُقدم على الانتحار الوطني من أجل مقال رأي جيد لمدة دقيقتين. لن نفعل ذلك”.
معارضة الرأي العام الإسرائيلي
نتنياهو أشار في تصريحاته إلى أن “أغلبية الجمهور اليهودي اليوم يعارضون الدولة الفلسطينية لسبب بسيط، وهو أنهم يعلمون أنها لن تجلب السلام، بل ستجلب الحرب”. هذا الموقف يعكس القلق العميق لدى قطاعات واسعة من الشعب الإسرائيلي من احتمالات تحويل الأراضي المحتلة إلى دولة فلسطينية، في ظل الخشية من أن تؤدي هذه الخطوة إلى مزيد من التوترات والعنف في المنطقة.
كما أضاف نتنياهو قائلًا: “إذا أراد الفلسطينيون العيش هنا بجانبنا، فعليهم الكف عن السعي لتدميرنا، ومنحهم دولة مستقلة بكل ما فيها من زينة هو دعوة لحرب مستقبلية، وحرب حتمية. وهذا ما يعارضه الرأي العام الإسرائيلي بشدة اليوم”. تصريحات نتنياهو تركز على رفضه لأي فكرة تقوم على إقامة دولة فلسطينية على الأراضي التي تسيطر عليها إسرائيل.
الانتقادات الأوروبية والعالمية
في المقابل، انتقد العديد من القادة الأوروبيين بشدة الحملة العسكرية الإسرائيلية في غزة، وتزايد القلق الدولي بشأن الوضع الإنساني المتدهور في القطاع. تيريزا ريبيرا، ثاني أكبر مسؤول في المفوضية الأوروبية، وصفت الوضع في غزة بأنه “يشبه إلى حد كبير الإبادة الجماعية”، مشيرة إلى المجاعة والقتل والنزوح الذي يعاني منه الفلسطينيون. تعكس هذه التصريحات زيادة في الضغط على إسرائيل لوقف الهجوم على غزة والبحث عن تسوية سلمية عادلة.
المواقف الفرنسية والبريطانية
على الرغم من ردود الفعل الحادة من نتنياهو، استمرت فرنسا والمملكة المتحدة في مساعيهم للاعتراف بدولة فلسطين. الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون كان قد أعلن في وقت سابق عن نيته الاعتراف بفلسطين في الأمم المتحدة، مشددًا على أن هذا الاعتراف يعكس التزام بلاده بالسلام العادل والدائم. وكانت المملكة المتحدة قد أكدت أيضًا على موقفها المشابه، ما يجعل هذه الدول من أبرز المناهضين لمواقف إسرائيل في هذه الفترة.
الضغط الدولي والإسرائيلي
الخطط الأوروبية للاعتراف بفلسطين تأتي في وقت تتزايد فيه الانتقادات للحكومة الإسرائيلية بسبب العنف المستمر في غزة. هذه الانتقادات تأتي في إطار أوسع من التوترات الدولية المتعلقة بسياسات نتنياهو تجاه الفلسطينيين، بما في ذلك التوسع المستمر في بناء المستوطنات على الأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية، وهو ما يراه المجتمع الدولي تهديدًا حقيقيًا لحل الدولتين.
مواقف الولايات المتحدة
وفي المقابل، كانت الولايات المتحدة تواصل دعمها لإسرائيل، وهو ما عكسه وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو في تصريحات له، حيث اعتبر أن تدخل فرنسا في هذه القضية قد أضر بمحادثات وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس. الولايات المتحدة تبدو مترددة في الضغط على إسرائيل لوقف الهجمات على غزة، مما يزيد من التوتر بين الدول الأوروبية وإسرائيل.
التحديات القادمة لإسرائيل
مع استمرار الضغوط الدولية، يبدو أن إسرائيل في مواجهة أزمة دبلوماسية عميقة، حيث تتعارض مواقفها مع دول الاتحاد الأوروبي ومعظم المجتمع الدولي. وبينما يواصل نتنياهو رفضه للاعتراف بفلسطين، يظل السؤال عن كيفية تأثير هذا التصعيد على علاقات إسرائيل مع حلفائها التقليديين في الغرب. في الوقت نفسه، يزداد الشعور الدولي بأن الحل العسكري الذي يعتمد عليه نتنياهو لن يحقق الاستقرار في المنطقة، وأن الحوار السياسي هو السبيل الوحيد لتحقيق السلام المستدام.



