أوروبا لترامب: دافع عن أوكرانيا في محادثاتك مع بوتين… ومطالب بوقف إطلاق نار غير مشروط وضمانات أمنية

مع اقتراب اللقاء المرتقب بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ونظيره الروسي فلاديمير بوتين في ألاسكا يوم الجمعة، يوجّه الزعماء الأوروبيون رسالة واضحة إلى البيت الأبيض: أمن أوكرانيا وأوروبا يجب أن يكون أولوية في أي محادثات سلام، وأي اتفاق لا يمكن أن يتم على حساب وحدة الأراضي الأوكرانية.
تأثير أوروبي رغم التهميش
ورغم أن أيًّا من القادة الأوروبيين لم يُدعَ لحضور قمة ألاسكا، وكذلك غياب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، فإن القارة العجوز تحاول التأثير على مخرجات اللقاء عبر اتصالات مكثفة مع الإدارة الأمريكية.
وشارك ترامب في مكالمة هاتفية مع كبار قادة الاتحاد الأوروبي يوم الأربعاء، أبدى خلالها استعدادًا لمحاولة استعادة بعض الأراضي لأوكرانيا، وهو ما فسّرته مصادر دبلوماسية بأنه إشارة إلى استجابة جزئية للضغط الأوروبي.
الدعم الأوروبي الحاسم
تحتفظ أوروبا بمكانة خاصة في معادلة الحرب الأوكرانية؛ فهي أكبر مزوّد للدعم المالي والعسكري لكييف، كما تدير عشرات المليارات من اليورو من الأصول الروسية المجمّدة، التي يُتوقع أن تلعب دورًا محوريًا في أي تسوية سلمية مستقبلية.
هذه الحقائق تجعل من الصعب على ترامب تجاهل الموقف الأوروبي، حتى بعد أشهر من التوترات التي شملت خلافات تجارية وتصريحات أمريكية تقلّل من شأن الاتحاد الأوروبي.
موقف الاتحاد الأوروبي: لا لتغيير الحدود بالقوة
في بيان مشترك صدر صباح الثلاثاء، أعرب قادة 26 دولة من أصل 27 في الاتحاد الأوروبي – باستثناء المجر – عن دعمهم لجهود ترامب لإنهاء الحرب، لكنهم شددوا على أن “مسار السلام في أوكرانيا لا يمكن تحديده بدون أوكرانيا”.
وأكد البيان على رفض أي محاولة لتغيير الحدود الدولية بالقوة، في رسالة واضحة لموسكو بضرورة احترام سلامة الأراضي الأوكرانية.
أولوية وقف إطلاق النار
قالت كايا كالاس، كبيرة الدبلوماسيين في الاتحاد الأوروبي، عقب اجتماع طارئ لوزراء الخارجية الأوروبيين، إنه “لا ينبغي مناقشة أي تنازلات قبل أن توافق روسيا على وقف إطلاق نار كامل”.
وشددت على أن التسلسل الزمني لأي عملية سلام يجب أن يبدأ بوقف إطلاق نار غير مشروط، يتبعه نظام مراقبة قوي وضمانات أمنية صارمة. كما أكدت عزم الاتحاد على فرض حزمة جديدة من العقوبات على موسكو، إلى جانب مواصلة الدعم المالي والعسكري لكييف ودعم مساعيها للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي.
تحذيرات أوروبية من صفقة مجحفة
في وقت سابق هذا الأسبوع، حذر زعماء ألمانيا وفرنسا وبولندا وفنلندا والمملكة المتحدة، إضافة إلى رئيسة المفوضية الأوروبية، من أن أي اتفاق سلام يجب أن يتضمن ضمانات أمنية قوية، ويحترم وحدة الأراضي الأوكرانية.
ويخشى الأوروبيون من أن تتنازل واشنطن عن بعض الأراضي لروسيا مقابل إنهاء الحرب، وهو ما قد يترك كييف في وضع استراتيجي ضعيف ويشكّل سابقة خطيرة في السياسة الدولية.
إشارات ترامب وتصريحات مثيرة للجدل
ورغم تعهده بمحاولة استعادة بعض الأراضي لأوكرانيا، لمح ترامب إلى أنه يتوقع تبادلًا للأراضي بين كييف وموسكو في أي اتفاق نهائي، وهو ما يتماشى مع تصريحات السيناتور الجمهوري ليندسي غراهام وكبير المفاوضين في إدارته ستيف ويتكوف.
وقال ترامب: “روسيا احتلت جزءًا كبيرًا من أوكرانيا… أراضٍ مهمة للغاية. سنحاول استعادة بعض تلك الأراضي لأوكرانيا”.
هذه التصريحات، رغم ما تحمله من وعود، تعكس استعدادًا أمريكيًا للتعامل بمرونة مع الملف الإقليمي، وهو ما يثير مخاوف في أوروبا وكييف على حد سواء.
معركة دبلوماسية على مسار السلام
تعكس هذه التطورات معركة دبلوماسية غير معلنة بين العواصم الأوروبية وواشنطن حول شكل التسوية النهائية. فبينما تسعى أوروبا لضمان أن تكون أوكرانيا طرفًا فاعلًا في تحديد مصيرها، يتجه ترامب نحو التفاوض المباشر مع بوتين، مع إبقاء كييف خارج الغرفة في المحادثات الحاسمة.



