رئيسيشئون أوروبية

ألبانيا تراهن على الذكاء الاصطناعي لمكافحة الفساد وتسريع الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي

في خطوة غير تقليدية تعكس طموحًا سياسيًا ورغبة في الإصلاح، أعلن رئيس الوزراء الألباني إدي راما الشهر الماضي أن حكومته تفكر جديًا في إنشاء وزارة تُدار بالكامل بواسطة الذكاء الاصطناعي.

راما، الذي يصف التكنولوجيا بأنها أداة للقضاء على الفساد وتعزيز الشفافية، قال إن ألبانيا قد تصبح أول دولة في العالم تمتلك حكومة تضم وزراء ورئيس وزراء يعملون بتقنيات الذكاء الاصطناعي، مما يلغي المحسوبية وتضارب المصالح.

الفساد دافع رئيسي نحو الرقمنة
تعاني ألبانيا منذ سنوات من الفساد المتغلغل في مؤسساتها السياسية والإدارية. فقد طالت اتهامات وتهم قضائية مسؤولين بارزين، من بينهم زعيم المعارضة سالي بيريشا، بينما يقضي الرئيس السابق إيلير ميتا أحكامًا بالسجن.
هذا الواقع جعل من التكنولوجيا الرقمية خيارًا مغريًا للسلطات التي تسعى لإقناع الاتحاد الأوروبي بجدية مسار الإصلاح، في وقت تواصل فيه تيرانا مفاوضات الانضمام للاتحاد.

جدل سياسي حول جدوى الفكرة
الفكرة الطموحة لراما أثارت ردود فعل متباينة. بن بلوشي، السياسي السابق والكاتب المهتم بالذكاء الاصطناعي، اعتبر أن المجتمعات التي تُدار بالذكاء الاصطناعي ستكون أكثر كفاءة من البشر، “لأنه لن يفسد، ولا يتوقف عن العمل، ولا يحتاج لراتب”.
لكن جوريـدا تاباكو، نائبة في البرلمان عن الحزب الديمقراطي المعارض، حذرت من أن الذكاء الاصطناعي قد يتحول في الأيدي الخاطئة إلى “قناع رقمي” يخفي نفس الخلل المؤسسي، مشددة على ضرورة إصلاح شامل لنظام الحوكمة قبل تبنيه.

استخدامات حالية في الإدارة
ألبانيا بدأت بالفعل في إدماج الذكاء الاصطناعي في عدد من المجالات الحساسة، منها:

المشتريات العامة: تطبيق أنظمة تحليل آلي لاكتشاف المخالفات في العقود، وهي نقطة إصلاح يطلبها الاتحاد الأوروبي.

الضرائب والجمارك: مراقبة المعاملات المالية في الوقت الفعلي للكشف عن التلاعب.

الرقابة الميدانية: استخدام طائرات بدون طيار وأنظمة أقمار صناعية للكشف عن المخالفات في البناء، والتعدي على الشواطئ العامة، وزراعة القنب في المناطق النائية.

مشاريع مبتكرة للسلامة المرورية
ضمن خططها، تدرس ألبانيا استخدام تقنية التعرف على الوجه لإرسال تنبيهات فورية إلى هواتف السائقين المتهورين، وربطها بأنظمة المخالفات الرقمية عبر الرسائل النصية والبريد الإلكتروني.
هذه الخطوة تأتي في ظل تسجيل البلاد واحدًا من أعلى معدلات وفيات حوادث المرور في أوروبا، والذي يعود في معظمه إلى السرعة الزائدة.

شراكات دولية ومحلية
أقامت ألبانيا شراكة لافتة مع ميرا موراتي، الرئيسة السابقة للتكنولوجيا في OpenAI ومبتكرة ChatGPT، وهي من مواليد جنوب ألبانيا. هذه الشراكة تهدف إلى تطوير حلول ذكاء اصطناعي مخصصة للحوكمة، التعليم، والرعاية الصحية، إضافة إلى هوية رقمية متكاملة للمواطنين.

ويراقب الاتحاد الأوروبي هذه التحولات عن كثب، إذ أن تعزيز الشفافية ومكافحة الفساد يمثلان شرطين أساسيين لتسريع انضمام ألبانيا. وفي حال نجحت تيرانا في تحويل الذكاء الاصطناعي من أداة تقنية إلى رافعة حقيقية للإصلاح، فقد تصبح تجربتها نموذجًا يُحتذى به في المنطقة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى