رئيسيشئون أوروبية

مارين لوبان تستغل الأزمة السياسية لزعزعة حكومة ماكرون

تعود زعيمة اليمين المتطرف في فرنسا مارين لوبان إلى واجهة المشهد السياسي، رغم الحظر المفروض عليها من الترشح بسبب إدانتها بالاختلاس. فبدلاً من الانكفاء، اختارت لوبان استثمار اللحظة الراهنة لإضعاف حكومة رئيس الوزراء فرانسوا بايرو والضغط من أجل انتخابات جديدة قد تعيد رسم موازين القوى في البلاد.

ومن المقرر أن يخضع بايرو لتصويت حجب الثقة في الثامن من سبتمبر/أيلول، وهي محطة سياسية خطيرة لحكومته التي تواجه معارضة واسعة نتيجة خطة خفض الميزانية البالغة 43.8 مليار يورو.

وحزب لوبان، التجمع الوطني، الذي يتصدر استطلاعات الرأي، أعلن منذ اللحظة الأولى عزمه على التصويت ضد الحكومة. وكتبت لوبان على منصة “إكس”: “لن يُسمح للشعب الفرنسي باختيار مصيره إلا بحل البرلمان والعودة إلى صناديق الاقتراع”.
بهذا الموقف، أنهت لوبان أي تكهنات حول إمكانية عقد صفقة مع معسكر ماكرون لتمرير الخطة الاقتصادية.

موقف المعارضة: جبهة موحدة ضد بايرو
أعلنت الأحزاب اليسارية نيتها التصويت ضد الحكومة، ما يجعل بقاء بايرو رهن تراجع عدد كبير من النواب الوسطيين، وهو أمر غير مرجح.

وبحسب مصادر سياسية، من المقرر أن يلتقي بايرو مع لوبان ورئيس حزبها الشاب جوردان بارديلا في محاولة أخيرة لإيجاد أرضية مشتركة، لكن المؤشرات توحي بأن القطيعة باتت حتمية.

وسقوط بايرو سيترك الرئيس إيمانويل ماكرون أمام خيارات صعبة. فقد أشارت تسريبات إلى احتمال تكليف سيباستيان ليكورنو، وزير القوات المسلحة، بتشكيل حكومة جديدة، لكن لا ضمانات أن يحظى بدعم كافٍ في البرلمان.

وتعكس الأزمة الحالية تراكمات انتخابات العام الماضي المبكرة، التي فشل ماكرون من خلالها في كسر حالة الجمود السياسي، بل عمّقتها.

الرأي العام: رغبة في العودة لصناديق الاقتراع
أظهر استطلاع أجراه معهد إيفوب أن 63% من الفرنسيين يؤيدون انتخابات جديدة، وترتفع النسبة إلى 86% بين ناخبي التجمع الوطني. غير أن الاستطلاعات نفسها تشير إلى أن أي انتخابات جديدة قد تُنتج برلمانًا معلقًا آخر، بما يعني استمرار الأزمة.

ورغم حظرها من الترشح حتى البت في استئناف قضيتها العام المقبل، فإن لوبان لم تستسلم. فقد بدأت، وفق مصادر مطلعة، استشارة محامين وخبراء قانونيين لاستكشاف طرق للطعن في دستورية حظرها أمام المحكمة الدستورية.

كما يعمل فريقها السياسي على وضع سيناريوهات مختلفة، منها احتمال أن يتصدر بارديلا السباق الرئاسي بدعم من لوبان، على أن تعود هي إلى الواجهة بصفة أخرى مثل رئاسة الوزراء. إلا أن قادة الحزب يؤكدون أن لوبان لا تفكر في التنازل، وأنها “لا تستسلم أبدًا”.

بارديلا نفسه صرّح لقناة “TF1”: “من الواضح أننا نستكشف كل السبل القانونية حتى تتمكن مارين لوبان من الترشح حتى في حالة الحل”.

وبينما يواجه بايرو خطر السقوط وماكرون معضلة خلافته، تبدو لوبان في موقع قوة رغم القيود القانونية. فهي تقود حزبًا يتصدر الاستطلاعات، وتستفيد من السخط الشعبي على سياسات التقشف، وتستغل الأزمة السياسية لتصوير نفسها وحزبها كخيار إنقاذي لفرنسا.

والأسابيع المقبلة ستكون حاسمة: فإذا أطاحت المعارضة بحكومة بايرو، فستكون لوبان قد نجحت في هز أركان النظام السياسي الفرنسي من موقع الممنوع من الترشح، ما يعزز صورتها كزعيمة قادرة على تحريك الساحة حتى من خارج السباق الانتخابي.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى