رئيسيشؤون دولية

إسبانيا تفرض حظرًا دائمًا على توريد الأسلحة إلى إسرائيل وتوسع إجراءاتها ضد الحرب على غزة

في خطوة وُصفت بأنها الأكثر جرأة من دولة أوروبية تجاه إسرائيل منذ بدء حربها على غزة، أعلن رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز، يوم الاثنين، عن فرض حظر دائم على بيع الأسلحة والذخيرة لإسرائيل، إلى جانب حزمة من الإجراءات السياسية والاقتصادية والدبلوماسية الرامية إلى الضغط على تل أبيب لوقف ما وصفه بـ”الإبادة الجماعية بحق المدنيين الفلسطينيين”.

وأكد سانشيز في خطاب أمام البرلمان أن السفن التي تحمل الوقود المتجه إلى القوات المسلحة الإسرائيلية لن يُسمح لها بالرسو في الموانئ الإسبانية، كما سيتم منع الطائرات التي تنقل مواد دفاعية أو عسكرية من دخول المجال الجوي الإسباني.

وأوضح رئيس الوزراء أن “لإسرائيل الحق في الوجود والدفاع عن نفسها، لكن لا يحق لها إبادة شعب أعزل”. وأضاف: “حماية بلدك ومجتمعك شيء، وقصف المستشفيات وتجويع الأطفال شيء آخر”.

إلى جانب الحظر على الأسلحة، أعلنت الحكومة الإسبانية عن:

منع دخول الأشخاص المتورطين مباشرة في الانتهاكات بغزة، بمن فيهم المسؤولون العسكريون والسياسيون الإسرائيليون، دون توضيح آلية التقييم أو كيفية تحديد الأسماء.

تقييد الخدمات القنصلية للمواطنين الإسبان المقيمين في المستوطنات الإسرائيلية غير القانونية في الضفة الغربية.

فرض حظر كامل على المنتجات المستوردة من الأراضي المحتلة، في انسجام مع موقف مدريد الرافض لتوسيع الاستيطان.

خلفية سياسية وضغوط داخلية

يُعتبر سانشيز من أكثر الأصوات الأوروبية انتقادًا للهجوم الإسرائيلي على غزة، وكان قد اعترف العام الماضي بالدولة الفلسطينية، في خطوة انضمت إليها لاحقًا دول أوروبية أخرى.

لكن الإعلان الأخير جاء أيضًا استجابة لضغوط داخلية من حزب سومار اليساري، المشارك في الائتلاف الحكومي الهش. فقد رحبت زعيمته ونائبة رئيس الوزراء يولاندا دياز بالإجراءات الجديدة، لكنها طالبت بخطوة إضافية عبر سحب السفير الإسباني من تل أبيب.

كما شددت دياز على أن مدريد “تتحمل مسؤولية أخلاقية وسياسية في مواجهة جرائم الحرب الإسرائيلية”، ودعت الاتحاد الأوروبي إلى تبني مواقف مشابهة بدل الاكتفاء ببيانات القلق.

ردود إسرائيلية غاضبة

أثار قرار سانشيز ردود فعل غاضبة في إسرائيل، حيث وصف وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر الخطوة بأنها “معاداة للسامية” و”محاولة لصرف الأنظار عن فضائح الفساد في إسبانيا”.

وأعلن ساعر منع دياز ووزيرة الشباب الإسبانية سيرا ريغو – ابنة لاجئ فلسطيني – من دخول إسرائيل، متهمًا إياهما بـ”دعم الإرهاب والتحريض على العنف ضد الإسرائيليين”.

وتمثل الخطوة الإسبانية تحديًا مباشرًا للسياسات الأوروبية التقليدية، إذ لطالما اكتفى الاتحاد الأوروبي بمواقف متوازنة تدعو إلى “ضبط النفس” و”الحلول الدبلوماسية”. وتفتح هذه السابقة الباب أمام احتمال انقسام أوروبي أوسع بشأن كيفية التعامل مع إسرائيل في ظل تصاعد أعداد الضحايا المدنيين في غزة.

ويرى محللون أن مدريد تسعى من خلال هذه القرارات إلى تعزيز موقعها كقوة أوروبية رائدة في الدفاع عن القانون الدولي وحقوق الإنسان، في وقت تتعرض فيه سياسات إسرائيل لانتقادات غير مسبوقة في الساحات الأممية.

وقد أشار سانشيز في خطابه إلى أن فشل المجتمع الدولي في وقف المجازر في غزة كان دافعًا رئيسيًا لإعلان الحظر. واستشهد بتقارير المقررين الأمميين التي وصفت ما يجري في القطاع بأنه “إبادة جماعية”.

وبحسب منظمات حقوقية، تجاوز عدد الضحايا الفلسطينيين عشرات الآلاف منذ بدء الحرب، فيما يعاني مئات الآلاف من المجاعة والحرمان من الرعاية الصحية.

وأكد سانشيز: “إسبانيا لا تستطيع أن تبقى متفرجة بينما يُقتل الأطفال ويُحاصر المدنيون. مسؤوليتنا أن نستخدم كل أدواتنا السياسية والدبلوماسية لمنع استمرار هذه المأساة”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى