رئيسيشئون أوروبية

رئيسة البنك المركزي الأوروبي لاجارد تواجه استجواباً حاداً بشأن المشاكل الفرنسية

تتجه الأنظار اليوم إلى المؤتمر الصحفي لرئيسة البنك المركزي الأوروبي كريستين لاجارد، حيث ستضطر الوزيرة الفرنسية السابقة إلى مواجهة أسئلة محرجة حول الوضع المالي المتأزم في بلدها الأم، في أعقاب انهيار الحكومة الفرنسية هذا الأسبوع.

وفي حين يترقب المستثمرون قرارات السياسة النقدية المعتادة، فإن التركيز الأكبر سينصب على ما إذا كانت لاجارد ستتطرق بشكل مباشر إلى المخاطر المالية التي تهدد فرنسا ومنطقة اليورو.

وجاءت المشاكل الفرنسية في توقيت حساس للغاية بالنسبة للبنك المركزي الأوروبي، الذي يُتوقع أن يُبقي سعر الفائدة على الودائع عند 2%، مدعوماً بتقديرات نمو ضعيفة وتضخم متراجع نسبياً.

لكن أي إشارة خاطئة من لاجارد قد تُترجم سريعاً إلى ارتفاع تكاليف الاقتراض في أسواق السندات، خاصة بالنسبة لفرنسا التي تعاني من عجز مالي متزايد.

ويرى الخبير الاقتصادي فابيو بالبوني (إتش إس بي سي) أن التحدي أمام لاجارد يكمن في كيفية إدارة التوقعات: فإذا ألمحت إلى سياسة نقدية أكثر تساهلاً، ستُتهم بإنقاذ حكومة فرنسية “مخطئة مالياً”، أما إذا تمسكت بالتشدد، فقد تشعل أزمة ديون فرنسية تُهدد الاستقرار الأوروبي.

فرنسا في قلب العاصفة

كانت أزمة الديون السبب المباشر في سقوط حكومة رئيس الوزراء فرانسوا بايرو يوم الاثنين، بعدما فشل في تمرير خطة لتقليص الإنفاق بقيمة 44 مليار يورو.

الأسواق المالية تفاعلت بحذر: إذ ارتفع الفارق بين عوائد السندات الفرنسية والألمانية لأجل عشر سنوات إلى 0.82 نقطة مئوية، وهو أعلى مستوى هذا العام، لكنه لا يزال أشبه بـ”تسريب بطيء” أكثر منه انهياراً شاملاً.

وسارع الرئيس إيمانويل ماكرون إلى تعيين رئيس وزراء وسطي جديد، في محاولة لطمأنة الأسواق وتجنب الدعوة إلى انتخابات مبكرة قد تزيد عدم اليقين السياسي.

تهديد “الهيمنة المالية”

يحذر الاقتصاديون من أن فرنسا، التي يتجاوز دينها العام 3.35 تريليون يورو، تواجه خطر الدخول في ما يُعرف بـ”الهيمنة المالية”، أي الوضع الذي يُجبر فيه البنك المركزي على إبقاء أسعار الفائدة منخفضة حتى تتمكن الحكومة من خدمة دينها، وهو ما يقود عادة إلى موجة تضخمية جديدة.

وترى الأسواق أن باريس باتت تُقارن أكثر بـ”إيطاليا المثقلة بالديون” منها بـ”ألمانيا القوية مالياً”، وهو تحول رمزي خطير في مكانة فرنسا داخل الاتحاد الأوروبي.

ولأول مرة منذ عقود، تجاوزت تكلفة اقتراض فرنسا نظيرتها الإيطالية – ولو بشكل عابر نتيجة خلل فني – ما اعتبره محللون مؤشراً على هشاشة مالية متزايدة.

أدوات البنك المركزي الأوروبي: هل تُستخدم؟

منذ جائحة 2022، منح البنك المركزي الأوروبي نفسه صلاحية التدخل عبر “أداة حماية الانتقال” لشراء السندات في حال اعتبر أن اضطراب الأسواق يعوق السياسة النقدية. لكن استخدام هذه الأداة محاط بشروط غامضة:
أن تكون الضغوط على السوق “غير مبررة”.
ألا يؤدي التدخل إلى تأجيج التضخم.
ألا تكون الدولة المعنية خاضعة لإجراءات العجز المفرط في الاتحاد الأوروبي.

هذه الشروط تستبعد فرنسا نظرياً، لكن صناع السياسات أكدوا أن القواعد ليست جامدة وأن القرار في النهاية سياسي بامتياز.

مع ذلك، ترى شخصيات متشددة مثل إيزابيل شنابل (عضو المجلس التنفيذي) أن التدخل “مستبعد” ما لم تمتد تداعيات الأزمة الفرنسية إلى مجمل منطقة اليورو.

درس من الماضي

لاجارد نفسها تعرّضت لانتقادات حادة خلال الجائحة، عندما قالت إن البنك المركزي الأوروبي “ليس موجوداً لتقليص فروق أسعار السندات”، ما أثار ذعراً في الأسواق.

ويؤكد محللون مثل باس فان جيفن (رابوريسيرش) أنها لن تُكرر هذا الخطأ الاتصالي مرة أخرى.

في مقابلة إذاعية الأسبوع الماضي، بدت لاجارد أكثر حذراً، إذ قالت إنها “تراقب الفروقات عن كثب”، لكنها في الوقت نفسه دعت باريس إلى “ترتيب شؤونها المالية العامة”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى