Site icon أوروبا بالعربي

تراجع ترامب الواضح في موقفه بشأن أوكرانيا يشجع الأوروبيين – لكن الشكوك باقية

دونالد ترامب

أثار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب حالة من الجدل على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة بعد أن نشر عبر منصته “تروث سوشيال” أكثر تصريحاته تأييدًا لأوكرانيا حتى الآن، مؤكّدًا أن كييف قادرة ليس فقط على الصمود، بل أيضًا على استعادة كل أراضيها من روسيا. هذا التحول المفاجئ قوبل بترحيب حذر من الأوروبيين، وسط شكوك واسعة في مدى استمراريته.

ولطالما شكك ترامب في إمكانية انتصار أوكرانيا، ملوّحًا في السابق بحلول تفاوضية تتضمن تنازلات إقليمية لموسكو. غير أن منشوره الجديد يناقض تلك المواقف، ما أثار ابتهاجًا حذرًا في الوفود الأوروبية الحاضرة في نيويورك.

في لقاء مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، عبّر ترامب عن خيبة أمله من فلاديمير بوتين قائلاً: “كنت أعتقد أن هذه ستكون أسهل حرب يمكن وقفها بفضل علاقتي مع بوتين، لكن للأسف لم تُحدث هذه العلاقة أي فرق.”

وفي خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، كرر ترامب هذه الرسالة، معتبرًا أن فشل روسيا في تحقيق النصر “لا يحسّن صورتها”. كما أجاب بنعم عندما سُئل عمّا إذا كان على حلف الناتو إسقاط الطائرات الروسية التي تنتهك أجواءه، وهو موقف أكثر صرامة من تصريحاته السابقة.

ردود أوروبية متباينة

أبدى قادة الاتحاد الأوروبي ارتياحًا أوليًا. فقد قالت رئيسة الوزراء الإستونية كايا كالاس إن ترامب أدلى بتصريح “قوي للغاية” لم يُسمع منه من قبل، معتبرة ذلك دليلاً على تقارب المواقف. أما ماكرون فرحّب بما وصفه بـ”إيمان الرئيس الأمريكي بقدرة أوكرانيا على فرض احترام حقوقها”.

من جهتها، رأت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين أن التصريحات تعزز خطها السياسي الذي طالما تعرض للانتقاد بسبب مرونته تجاه ترامب. وقالت خلال لقائها معه: “ترامب مُحق تمامًا بشأن ضرورة تخلص أوروبا من الطاقة الروسية. ونحن ماضون في ذلك.”

شكوك عميقة

رغم موجة التفاؤل، ظلّت الشكوك الأوروبية قائمة. فقد أشار مسؤولون إلى أن ترامب اعتاد تغيير مواقفه سريعًا، وأن ما يقوله يومًا قد ينقضه في اليوم التالي. وقال دبلوماسي أوروبي: “إنه دائمًا على بُعد مكالمة هاتفية واحدة من بوتين ليتخذ قرارًا معاكسًا.”

وتخشى العواصم الأوروبية أن يكون المنشور مجرد محاولة لاستفزاز موسكو لا أكثر، من دون أي انعكاس عملي على السياسة الأمريكية. فبعد أشهر من محاولات إقناع ترامب بفرض عقوبات أشد على روسيا، ما زال الأمل ضعيفًا في حدوث تغيير جوهري.

علاقة متطورة مع بروكسل

بحسب مصادر أوروبية، تطورت علاقة فون دير لاين بترامب بشكل ملحوظ منذ وصوله إلى البيت الأبيض، إذ تجري اتصالات هاتفية متكررة معه لبحث ملفات العقوبات الروسية وقضايا إنسانية مثل الأطفال الأوكرانيين المختطفين. ويبدو أن هذا النهج أتى ثماره جزئيًا مع صدور الموقف الأخير.

ومع ذلك، يبقى الغموض مسيطرًا على توجهات ترامب الفعلية، إذ قال أحد مساعدي ماكرون: “لحسن الحظ، ولكن أيضًا لسوء حظنا، فإن ما يقوله ترامب يوم الاثنين ليس ما قاله يوم الثلاثاء.”

وقد منحت تصريحات ترامب الأخيرة الأوروبيين دفعة معنوية، وأكدت صحة جهودهم في إقناعه بتحميل بوتين مسؤولية الحرب. لكن الثقة في استدامة موقفه ما تزال محدودة، خاصة أن سجلّه السياسي يكشف عن نزعة لتبديل المواقف بسرعة. وبين التفاؤل والشك، يبقى السؤال مفتوحًا: هل يمثّل هذا التحول بداية التزام أمريكي أعمق بدعم أوكرانيا، أم مجرد لحظة عابرة في خطابات ترامب المتقلبة؟

Exit mobile version