كير ستارمر يواجه تحديات حزبية على وقع توترات داخلية وخارجية

يصل رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر إلى مؤتمر حزبه في ليفربول هذا الأسبوع على وقع توترات داخلية وخارجية تهدّد تحويل ما يفترض أن يكون مناسبة احتفالية إلى اختبار قيادي حقيقي.
ويأمل ستارمر أن يحوّل شعار المؤتمر «تجديد بريطانيا» إلى منصة لإعادة ضبط السرد الحكومي، لكن شعبية حزبه متآكلة أمام تصاعد الدعم لحزب «إصلاح المملكة المتحدة» بزعامة نايجل فاراج وامتداد الشك داخل أوساط نوابه ووزرائه.
ويجمع خطاب ستارمر بين وعد «التجديد الوطني» وسياسات عملية تَعد بمعالجات اقتصادية واجتماعية: خطط لملء الثغرات في الخدمات العامة، توسعة برامج دعم المدارس، وطرح هوية رقمية إلزامية للحسم في ملف العمالة غير القانونية.
وقد أثار الإعلان عن بطاقة هوية رقمية إلزامية موجة اعتراضات خصوصية ونشوء حملة توقيعات واسعة، ما أضاف حملاً سياسياً جديداً على كاهل الحكومة في الوقت الذي تتهيأ فيه لحزمة ميزانية قاسية يُنتظر إعلانها في نوفمبر.
والأمر الأكثر إزعاجًا لستارمر هو «النار الصديقة» داخل حزبه. شهدت الأسابيع الماضية انتقادات صاخبة من نواب ووزراء، ونبرة قلق متزايدة من أن التحالف الداخلي بين قيادة داونينغ ستريت وبعض المستشارين المقربين يبعده عن قاعدته.
شخصيات محلية مثل عمدة مانشستر أندي بيرنهام وأصوات يسارية وسطية أخرى يُنظر إليها كمنافسين محتملين أو كبؤر عاصفة داخلية قد تُترجم إلى تحدٍ قيادي لاحقًا، لا سيما إذا لم تنجح القيادة في استعادة زخم الثقة الشعبية.
خارجياً، يحاول ستارمر استثمار ظهوره العالمي في مؤتمرات اليسار الوسطي لعرض صورة دبلوماسية تباعده عن خطاب الشعبوية التي يروج لها فاراج.
لكن التحالف بين الرؤية العالمية والرغبة في احتواء مشاعر القومية المحلية ليس سهلاً: احتجاجات مؤيدة للقومية ومسيرات حاشدة حول قضايا اللاجئين والهوية الوطنية أجّجت مزاجاً عاماً معادياً للحكومة، ما يفرض على ستارمر صياغة مزيج من «الوطنية الاعتدالية» التي تخاطب القلق الأمني والاقتصادي من دون تقديم أرضية للشعبويين.
وتضع أرقام الرأي العام رهانات ستارمر في سياق خطر حقيقي. استطلاعات مؤسسية أظهرت تقدّماً لحزب «إصلاح المملكة المتحدة» في سيناريو مقاعد برلمانية متوقعة، وهو ما يثير قلق النواب عن مقاعدهم في دوائر مُعرّضة ويزيد الضغوط على القيادة لإظهار نتائج ملموسة سريعًا أو مواجهة اهتزاز داخلي أشد.
سياسياً وبراغماتياً، يواجه ستارمر معضلة مزدوجة: كيف يقدّم خططًا طموحة (هوية رقمية، إصلاحات بنيوية، معالجات للحوكمة) بينما يَحتاج في الوقت نفسه إلى تهدئة نوابه وإرضاء قواعد الناخبين التقليديين المتخوّفة من موجات تغيير سريعة؟
هل يختار الحسم التنظيمي والتشدد في الخصوم السياسيين أم التهدئة وبناء توافق داخلي قد يبطئ الإصلاحات؟.
وتبين الاجتماعات المغلقة مع الفريق وصياغة الخطاب خلال الأيام السابقة للمؤتمر أنه يسعى إلى خطاب شخصي يقنع أن «التجديد» هو مشروع وطني لا مجرد شعار سياسي.
وعليه فإن مؤتمر ليفربول لن يكون مجرد منصة لعرض إنجازات الحكومة في 14 شهرًا الماضية، بل سيكون استفتاءً داخليًا حول قدرة ستارمر على إدارة حزب موحّد ومواجهة موجة شعبوية متنامية.
وإن نجح في تقديم قصة مقنعة عن «تنفيذ» وخريطة طريق واضحة فقد يربح وقتًا ثمينًا، وإن أخفق فقد يواجه المزيد من التآكل في الدعم البرلماني والشارع، وربما فاتحة لمنافسة قيادية أو تصدّعات انتخابية أبكر مما كان يتوقع.



