رئيسيشؤون دولية

تأييد مقترحٍ أوروبي طموح لتعبئة الأموال الروسية المجمدة لدعم أوكرانيا

عبّر جيديميناس شيمكوس، محافظ بنك ليتوانيا وعضو لجنة صنع القرار في البنك المركزي الأوروبي، عن تأييده لمقترحٍ أوروبي طموح يقضي بتعبئة الأموال الروسية المجمدة لدى مؤسسات مالية غربية لدعم أوكرانيا في مواجهة العدوان الروسي، محذّراً من أن الفشل في توفير الموارد اللازمة لكييف قد يهدد ثقة الأسواق في اليورو أكثر مما قد تسببه مخاطر استخدام أصول خاضعة للحصانة السيادية.

ويتزامن موقف شيمكوس مع نقاش حاد داخل مؤسسات الاتحاد الأوروبي حول آلية مقترحة تبدو مثيرة للجدل: تحويل نحو 140 مليار يورو من النقد الروسي المودع لدى شركة المقاصة «يوروكلير» في بروكسل إلى سندات بلا فائدة يصدرها الاتحاد الأوروبي، ثم إقراض هذه الأموال إلى أوكرانيا على دفعات.

وتعتزم رؤوس الدول والحكومات بحث الفكرة خلال قمتهم في كوبنهاغن المقررة مطلع أكتوبر.

ويؤكد مؤيدو الخطة أن أوروبا بحاجة إلى أدوات مبتكرة لتفادي شح السيولة وتمويل الجهد الحربي الأوكراني في ظل تراجع الاعتماد على الدعم الأميركي.

وقال شيمكوس إن «عدم تمكين أوكرانيا من الدفاع عن نفسها سيؤدي إلى تبعات جيوسياسية واقتصادية قد تضر باليورو أكثر من مخاطر استعمال الأموال المحجوزة».

واعتبر أن الخيارين — حماية دور العملة الأوروبية كملاذ آمن، أو المجازفة بتمدد النزاع — يستدعيان رؤية شاملة لا تُقيَّد بالتركيز على جانب واحد فقط.

غير أن تحركاً من هذا النوع يواجه اعتراضات قوية من داخل المؤسسات الأوروبية، وعلى رأسها رئيسة البنك المركزي الأوروبي كريستين لاجارد، التي حذّرت من أن الاستيلاء على سيولة تُعتبر حصانة سيادية قد يردع الدول عن الاحتفاظ باحتياطياتها باليورو، مما يعرقل طموح الاتحاد في تعزيز دور عملته كعملة احتياط عالمية.

وترفض إدارة البنك المركزي أن تُستخدم حسابات بنوك مركزية أجنبية كرصيد يمكن تحريكه لأغراض سياسية عسكرية.

وعلى مستوى القادة، عبّر المستشار الألماني فريدريش ميرز عن تأييده للفكرة شريطة أن تُقتصر على تمويل المساعدات العسكرية فقط، فيما تبرز اختلافات بين دول الاتحاد بشأن جوانب قانونية ومالية وسيادية للخطوة.

ويُشار أيضاً إلى أن محاكمية مثل هذه الإجراءات قد تثير دعاوى قضائية أو دبلوماسية من جانب البلدان المعنية.

من جهة أخرى، فإن حجم الاحتياجات الأوكرانية يُعطي أولوية للعجلة: تقدر تقارير حديثة حاجات كييف التمويلية بعشرات مليارات الدولارات؛ وصندوق النقد الدولي قدّر حاجته إلى نحو 65 مليار دولار لتمديد برنامج الدعم حتى نهاية 2027.

بينما أكد مسؤولون أوكرانيون أن بلادهم تحتاج إلى تمويل يتراوح بين 150 و170 مليار دولار لمواصلة الأعمال خلال السنوات الأربع المقبلة.

وتُظهر المشاورات أن الأوروبيين يحاولون الموازنة بين معايير الحياد القانوني ومخاطر الإضرار بمصداقية اليورو من جهة، والحاجة الاستراتيجية لمنع انتصار موسكو في ساحة الحرب من جهة أخرى.

ووضع المقترح أمام زعماء الاتحاد في كوبنهاغن يجعل القرار سياسياً بامتياز، إذ سيتطلب توازناً دقيقاً بين الاعتبارات الأمنية والمالية والسيادية.

ويرى مراقبون أن المقترح يفتح فصلًا جديدًا في العلاقة بين الاقتصاد والسياسة الخارجية الأوروبية: هل تختار أوروبا حماية معايير النظام المالي الدولي مهما كلف الأمر، أم تغامر بتحويل جزء من هذه المعايير إلى أدوات ضغط وجيوستراتيجية لدعم أمنها القاري؟ الجواب، على ما يبدو، سيعكس أولويات الاتحاد في عقده القادم.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى