رئيسيشئون أوروبية

ألمانيا تمنح الجنرال الأعلى صلاحيات أوسع: إعادة تشكيل دفاعية لتسريع الاستعداد للحرب

في خطوة تُعدّ الأكبر منذ عقود داخل بيروقراطية الدفاع الألمانية، ركّزت وزارة الدفاع صلاحيات عملياتية وتخطيطية غير مسبوقة بيد المفتش العام للقوات المسلحة الجنرال كارستن بروير، عبر هيكلة جديدة تُوحِّد مسارات التخطيط الجاهزيّة والعمليات تحت مظلة واحدة للقوات المسلحة اعتبارًا من مطلع أكتوبر/تشرين الأول.

ويستهدف القرار الألماني فرض السرعة على منظومة اعتادت البطء، وإسناد قرارٍ عملياتي واضح لشخصية عسكرية واحدة داخل الوزارة، بما يعالج تداخل الاختصاصات الذي قَيّد الاستجابة في السنوات الماضية.

وتأتي الخطوة ضمن مسار إصلاح أوسع أطلقه الوزير بوريس بيستوريوس لتحويل “الجاهزية للحرب” من شعار إلى واقع تنظيمي ومالي وتقني.

لماذا الآن؟ رياحٌ روسيةٌ واختبارٌ لأوروبا

تتحرّك برلين تحت ضغط بيئة أمنية متدهورة: اختراقات روسية بمسيّراتٍ لأجواء دولٍ في الناتو، واستمرار سحق أوكرانيا، ورسائل أميركية متذبذبة في عهد ترامب حول قابلية الاتكال على واشنطن.

في هذا السياق، صدرت في مايو/أيار توجيهات عملياتية من بروير لرفع جاهزية الجيش تسليحًا وعتادًا بحلول 2029، على أساس تقديرات بأن روسيا قد تستعيد قدراتٍ تسمح بامتحان دفاعات الناتو قبل نهاية العقد.

وشدد التوجيه على تعزيز الدفاع الجوي ضد المسيّرات، وزيادة الذخائر، وتطوير قدرات الضربات الدقيقة، والحرب الإلكترونية والفضائية.

دمج القيادات… وتوسيع “ذراع الابتكار”

ترتكز الهيكلة إلى مسارين متوازيين:

مسار قيادي-عملياتي: توحيد القيادة العملياتية عبر دمج قيادة العمليات خارج الحدود مع القيادة الإقليمية للدفاع الوطني ضمن قيادة عمليات واحدة تشرف على كل أشكال العمليات، ما يُنهي الازدواجية بين الداخل والخارج ويُبسّط خطوط الأمر. دخل الكيان مرحلة الجاهزية التامة خلال 2025.

مسار ابتكار-مشتريات-سايبر: إنشاء هيكلٍ أعلى يدمج الترسانة، الابتكار، والفضاء/الأمن السيبراني، بنقل مجالات البحث والتخطيط والتقنية إلى إدارة “الابتكار والسايبر” وربطها أوثق بملف الدفاع والمشتريات لتقليص زمن التعاقد وتفادي مسالك الموافقات المتوازية. كما خُفِّض عدد الإدارات العليا من 10 إلى 8، ومنح المفتش العام نائبًا ثانيًا لتسريع القرارات. تُستكمل هذه الترتيبات تدريجيًا حتى مطلع أكتوبر.

من المال إلى الفعالية: اختبار القدرة على التنفيذ

صحيحٌ أن ألمانيا ضخت عشرات المليارات في تحديث الجيش ووعدت بقيادة أوروبا، لكنها تعلّمت أن المال وحده لا يشتري الدبابات والطيّارين ومحاربي السايبر إذا ظلّت إجراءات المشتريات والقيادة مجزّأة.

ولذلك تتضمن “خرائط الطريق” الدفاعية مكوّناتٍ بنيوية ثابتة – لا سيما بعد خطة 2024 لإعادة تنظيم البُنى والاختصاصات ورفع خدمة السايبر إلى مكانة فرعٍ رابعٍ مستقل، ودمج الدعم الطبي واللوجستي والشرطة العسكرية ضمن قيادة دعم موحّدة.

هذه القاعدة البنيوية وفّرت منصة لإصلاحات 2025 الأعمق في الوزارة ذاتها.

وإلى جانب الهندسة المؤسسية، تراهن برلين على قوةٍ بشرية أكبر عبر حملة تجنيد تطوعية واسعة وخيارات احتياطية لإعادة أشكال الخدمة عند الحاجة، مع إرسال استبياناتٍ إلزامية لفئة الشباب لتقييم الجاهزية والمهارات، في مسعى لسدّ فجوة آلاف الوظائف العسكرية خلال سنوات قليلة.

وتُقرّ الحكومة بأن التحدي اجتماعي-ثقافي بقدر ما هو تنظيمي، وأن صورة البوندسفير ستُختبر بقدرتها على تقديم مسارٍ مهني جذاب ومجهّز.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى