صعّدت النقابات العمالية الإيطالية تحرّكاتها عقب اعتراض البحرية الإسرائيلية لأسطول “الصمود/الحرية” المتجه إلى غزة واعتقال عشرات النشطاء، بينهم برلمانيون أوروبيون وإيطاليون.
وأعلنت نقابتان كبيرتان – الاتحاد العام الإيطالي للعمل (CGIL) والاتحاد النقابي القاعدي (USB) – الإضراب على مستوى البلاد والدعوة إلى “منع كل شيء”، بما يشمل تعطيل عمليات الشحن والتفريغ ومنع السفن المرتبطة بإسرائيل من الرسو في الموانئ الإيطالية. التحرك ترافق مع احتجاجات واسعة شلّت النقل الحديدي وأغلقت محاور رئيسية في عشرات المدن.
وجاء التصعيد بعد أن اعترضت البحرية الإسرائيلية ما لا يقل عن ثلاثة قوارب من الأسطول على بُعد عشرات الأميال من غزة، وجرى نقل النشطاء إلى ميناء أشدود تمهيدًا لإجراءات الإبعاد.
وقالت الحكومة الإيطالية إن نحو 40 مواطنًا إيطاليًا بين المحتجزين، بينهم عضوان في البرلمان الإيطالي وعضوان في البرلمان الأوروبي.
وتعهدت رئيسة الوزراء جورجيا ميلوني بالعمل على إعادتهم “في أسرع وقت”، لكنها انتقدت التحركات واعتبرتها “غير مفيدة للفلسطينيين”، فيما وصفت المعارضة والنقابات ردّ الحكومة بـ“الضعيف” إزاء ما ترى أنه اعتراض غير مشروع لسفن مدنية.
على الأرض، تحوّلت الموانئ إلى ساحات ضغط فعّالة. ففي ليفورنو رفض مئات عمّال الرصيف تفريغ سفينة الحاويات “زيم فرجينيا” التابعة لشركة الشحن الإسرائيلية، ما أجبرها على تغيير مسارها.
وتكرّر المشهد في لا سبيتسيا حيث منع المحتجّون السفينة ذاتها من الرسو، فيما أظهرت صور من الميناء بقاء سفينة “زيم” متوقفة بلا عمليات بسبب الإضراب.
وامتدّ تعطيل الرسو والشحن إلى جنوة، فينيسيا، رافينا، ساليرنو وغيرها، مع تأكيد النقابات أنها ستمنع دخول أي سفينة “مرتبطة بإسرائيل”، حتى وإن لم تحمل موادًا عسكرية.
والشلل لم يقتصر على الموانئ. ففي نابولي، اقتحم متظاهرون محطة القطار الرئيسية وأغلقوا المسارات، بينما شهدت روما مسيرة ضخمة قُدّر عدد المشاركين فيها بعشرات الآلاف باتجاه محطة تيرميني وسط طوق أمني كثيف.
كما اندلعت اشتباكات محدودة بين طلاب والشرطة في بولونيا. واتسعت رقعة التعبئة إلى أكثر من 100 مدينة، على وقع دعوات نقابية لتكرار الإضرابات والتوقّف عن العمل “دون الالتزام بفترة الإخطار القانونية” بسبب الطابع العاجل للأحداث، في سابقة لفتت الأنظار.
وترى النقابات أن ما جرى “اعتداء خطير على سفن مدنية تحمل مواطنين إيطاليين في مياه دولية”، وتحمّل الحكومة المسؤولية عن “التقصير في حماية مواطنيها”، فيما يصرّ قادة العمّال على أن الموانئ تمتلك “قوة تعطيل حقيقية” يمكن توجيهها ضد “التواطؤ التجاري” مع إسرائيل.
ويؤكد ناشطون ونقابيون أن القاعدة العمالية في الموانئ تغيّرت: “أناسٌ لم يشاركوا سابقًا في قضايا فلسطين باتوا في الصفوف الأولى… الغضب أصبح عامًا”.
على الصعيد الدولي، أثارت عملية الاعتراض موجة إدانات واحتجاجات عابرة للحدود، من بروكسل وبرلين إلى أثينا وبوينس آيرس.
وطالبت حكومات أوروبية وأميركية لاتينية وآسيوية بحماية رعاياها واحترام القانون الدولي، فيما تمسّكت إسرائيل بأن الأسطول “تحرك استفزازي” وأن المساعدات يجب تمريرها عبر “القنوات المعتمدة”.
لكن منظمات حقوقية ونقابية تعتبر أن ما حدث “اعتراض غير قانوني” لسفن مدنية وأنه يستهدف “ردع مبادرات الإغاثة” لغزة.

