ضغط متزايد على حلفاء الناتو للانضمام إلى خطة ترامب لتسليح أوكرانيا

صعّد قادة حلف شمال الأطلسي ضغوطهم على العواصم المترددة للانضمام إلى مخطط “PURL” (قائمة متطلبات أوكرانيا ذات الأولوية)، وهو الآلية التي دعت إليها إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لاستخدام “أموال الحلفاء” لشراء “أسلحة أمريكية” لصالح كييف، بدل نموذج “التبرعات المباشرة” الذي طبع عهد الرئيس السابق جو بايدن.
وفيما أعلنت غالبية أعضاء الحلف استعدادها للمساهمة، تواجه دول رئيسية—بينها “المملكة المتحدة” و”فرنسا”—أسئلة قاسية حول تقاسم الأعباء والمصداقية الاستراتيجية.
وتتمحور الخطة حول تحرير واشنطن “مخزونات أسلحة حيوية” تحتاجها أوكرانيا فورًا، على أن تُموَّل عمليات الاستبدال من ميزانيات الحلفاء.
ويشمل ذلك سحب منظومات وذخائر من المخازن الأمريكية، وعقود توريد لاحقة تُسلَّم على مراحل. بهذا تتحول العلاقة من قوافل مساعدات غير متوقعة إلى “ذراع شراء منسَّق” يسد فجوات الدفاع الأوكراني بسرعة أكبر، مع ضمان “طلب ثابت للصناعة الدفاعية الأمريكية”.
وحتى الآن، تعهّدت “الدنمارك والنرويج والسويد وكندا وألمانيا وهولندا” بتقديم نحو “2 مليار دولار” عبر أربع حزم خارجية منفصلة، فيما كانت دول البلطيق (“إستونيا ولاتفيا وليتوانيا”) إضافةً إلى “سلوفينيا وفنلندا” على وشك إكمال “حزمة خامسة” خلال اجتماع وزراء دفاع الناتو في بروكسل.
وقال الأمين العام للحلف “مارك روته” إن التمويل الجاري “يوفّر لأوكرانيا معدات أمريكية أساسية”، مؤكداً أن الوزراء عرضوا “مساهمات جديدة الواحد تلو الآخر”.
لكن هذا التقدم يسلّط الضوء على “الفجوة المتبقية”: الدول التي لم تنضم بعد تتعرض لضغط علني متزايد. وزير الدفاع السويدي “بال جونسون” تحدث عن “توقعات واضحة بتقاسم عادل للأعباء”، محذراً من أن الاعتماد على الدافعين الحاليين “غير مستدام طويلًا”.
أما وزير الدفاع الإستوني “هانو بيفكور” فشدّد على أن دعم أوكرانيا اليوم “ضمانة أمنية مباشرة للحلفاء أنفسهم”.
وبالنسبة إلى “المملكة المتحدة”، تظهر المعضلة “ميزانياتية” بعد إنفاق كبير ومتواصل منذ 2022؛ إذ يرى باحثون أن الانضمام إلى PURL يعني “التزامات مالية إضافية” في وقت تضغط فيه أولويات تحديث القوات البريطانية.
أما “فرنسا” فالعقبة أقرب إلى “سياسية/صناعية”: حساسية تاريخية تجاه شراء معدات أمريكية على حساب الصناعة الدفاعية الأوروبية، رغم دعم باريس العلني لاحتياجات كييف.
مع ذلك، ثمة مؤشرات على “انفتاح تدريجي”؛ فقد تركت “إسبانيا”—التي أثارت غضب حلفائها برفض هدف الإنفاق في قمة يونيو—الباب “مفتوحاً” للانضمام.
وقد حذّر وزير الدفاع الأوكراني “دينيس شميهال” من أن متطلبات كييف في مجال الدفاع الجوي والصاروخي خلال العام المقبل “تتراوح بين 12 و20 مليار دولار”.
وتبدي واشنطن—عبر وزير الدفاع “بيت هيجسيث”—دعماً لخطة PURL، مع رسالة واضحة للحلفاء: “ننتظر أن تتبرع دول أكثر، وتشتري أكثر، لدعم أوكرانيا وإنهاء الصراع سلمياً”. بعبارة أخرى، “التمويل الأوروبي” بات شرطاً لتسريع تدفقات السلاح الأمريكية.
إلى جانب مساهمات الموازنات الوطنية، تدفع عدة عواصم—منها “المملكة المتحدة وإستونيا والسويد”—باتجاه توجيه “عوائد الأصول الروسية المجمّدة” لدعم مخطط التسليح.
ويبحث “الاتحاد الأوروبي” استخدام تلك الأصول كرافعة لتمويل “قرض تعويضات” بقيمة “140 مليار يورو” لصالح أوكرانيا، على أن يُناقش الملف في “قمة أوروبية” وشيكة. نجاح هذا المسار قد يوفّر “موارد شبه مستقرة” ويخفف الضغط عن ميزانيات الدفاع الوطنية.
في جوهر السجال، تنتقل الحرب من اختبار “الإرادة السياسية” إلى اختبار “القدرة على الدفع”. فالدول التي قادت خطاب “الدعم غير المحدود” تجد نفسها مطالَبة بتحويل العبارات إلى “اعتمادات مالية” ضمن آلية شراء تفرض جداول زمنية واضحة للمصانع وخطوط الإمداد.
ومن لم ينضم بعد يُلوَّح له—بلغة دبلوماسية أحياناً وفجّة أحياناً—بأنه “حان وقت وضع الأموال حيث تتكلم”.
ومع اتساع رقعة المنضمين إلى “PURL”، يضيق هامش المناورة أمام المترددين. فالنموذج الجديد لا يطلب إعلانات تضامن بل “شيكات”، ولا يكتفي بصور جماعية بل “جداول تسليم”.
وإذا نجح الضغط في جرّ لندن وباريس وعواصم أخرى إلى الركب، ستكون الخطة “منعطفاً” في طريقة تسليح أوكرانيا: من “مساعدات طوارئ” إلى “اقتصاد حرب مُدار”. وإن تعثر، ستبقى الفجوات في الدفاع الجوي والذخائر “مكشوفة”—بكلفة عسكرية على الجبهة وكلفة سياسية على وحدة الحلف.



