أوروبا تواجه مخاطر سيبرانية بسبب سيطرة هواوي على قطاع الطاقة الشمسية

أثار اعتماد أوروبا المتزايد على التكنولوجيا الصينية في قطاع الطاقة الشمسية مخاوف أمنية متصاعدة، وسط تحذيرات من إمكانية تعطيل إمدادات الكهرباء أو التلاعب بها عن بُعد.
وتأتي هذه المخاوف بعد أن أصبح العملاق الصيني هواوي المورد الرئيس لمحولات الطاقة الشمسية، وهي المكونات الأساسية التي تحول كهرباء الألواح الشمسية إلى تيار قابل للاستخدام في الشبكة.
ووفقًا لبحث أجرته هيئة SolarPower Europe، تسيطر الشركات الصينية على نحو 65% من الطاقة الشمسية المركبة في القارة، وتعد هواوي أكبر مصنّع للمحولات، فيما تأتي شركة سنغرو في المرتبة الثانية.
ويثير الخبراء مخاوف من أن الوصول عن بُعد إلى هذه المحولات، المتصلة بالإنترنت، قد يسمح بالتلاعب بها أو إيقافها فجأة، ما قد يؤدي إلى ارتفاعات مفاجئة أو انقطاعات خطيرة في التيار الكهربائي، كما حدث في أجزاء من إسبانيا والبرتغال في أبريل/نيسان الماضي.
وفي هذا السياق، حضّ مشرعون أوروبيون، بينهم النائب الهولندي الليبرالي بارت غروثويس والنائبة السلوفاكية ميريام ليكسمان، المفوضية الأوروبية على فرض قيود صارمة على الموردين ذوي المخاطر العالية، بما في ذلك هواوي، لمنع أي تهديد محتمل للبنية التحتية الحيوية.
وقد حصلت هذه المبادرة على دعم اثني عشر نائبًا آخر، مع سعي المشرعين لتوسيع قاعدة الدعم قبل إرسال الرسالة الرسمية منتصف الأسبوع المقبل.
وتسلط التحذيرات الضوء على زيادة اعتماد أوروبا على الموردين الخارجيين في القطاعات الحيوية، من الغاز الروسي إلى المواد الخام الصينية والخدمات الرقمية الأمريكية.
وتشير أريكا لانجيروفا، خبيرة الأمن السيبراني في الجامعة التقنية التشيكية، إلى أن التحكم في المحولات عن بُعد يمكن أن يزعزع استقرار شبكة الكهرباء بشكل كبير إذا تم تكرار العمليات عبر آلاف الأنظمة، ما يجعل الانقطاعات الكبرى أكثر احتمالاً.
وقد بدأت بعض الحكومات الأوروبية بالفعل باتخاذ إجراءات احترازية، ففي نوفمبر الماضي حظرت ليتوانيا الوصول الصيني عن بُعد إلى منشآت الطاقة المتجددة ذات القدرات الكبيرة، فيما أصدرت جمهورية التشيك تحذيرات مماثلة.
وأوضحت ألمانيا أن مكون إدارة الطاقة من هواوي وضع المسؤولين في حالة تأهب وأدى إلى تحقيق حكومي في المعدات.
ويعود سبب هذه المخاوف إلى سياسات بكين التي تلزم الشركات الصينية بالتعاون مع الأجهزة الأمنية ومشاركة البيانات، وهو ما يُنظر إليه في الغرب على أنه تهديد محتمل للتجسس والمراقبة.
ويثير هذا القلق مقارنةً بقطاع شبكات الجيل الخامس، حيث سبق أن تبنى الاتحاد الأوروبي “صندوق أدوات” لتقليل الاعتماد على هواوي.
وإلى جانب المخاطر السيبرانية، يؤدي الاعتماد الصيني على التكنولوجيا إلى تقويض القدرة التنافسية الأوروبية.
يقول توبياس جيركي، الباحث في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، إن الهيمنة الصينية المدعومة حكوميًا على سوق الألواح الشمسية أدت إلى تراجع الشركات الأوروبية، فيما تُقيّد الصين دخول الشركات الأجنبية إلى سوقها لأسباب أمنية.
ويشير الخبراء إلى أن أوروبا تمتلك موردين محليين كافيين لتغطية الفجوة في المحولات، لكنها ما تزال تعتمد على الصين في قطاعات أخرى حيوية مثل البطاريات وطاقة الرياح، ما يجعل التخفيض الكامل للاعتماد على الموردين الصينيين تحديًا طويل الأمد.
وتؤكد التحذيرات الأوروبية أن السيطرة الصينية على قطاع الطاقة الشمسية تمثل أحد أكبر التحديات الأمنية للطاقة في القارة، ما يستدعي تدخلًا سريعًا لتقليل المخاطر السيبرانية وضمان أمن الشبكات الكهربائية الحيوية.



