Site icon أوروبا بالعربي

صعود زهران ممداني يلهم اليسار الأوروبي: دروس من نيويورك للمستقبل السياسي

زهران ممداني

أثار الصعود السريع لزهران ممداني من عضو مجهول في جمعية ولاية نيويورك إلى المرشح الأوفر حظًا لمنصب عمدة نيويورك اهتمامًا واسعًا بين السياسيين اليساريين في أوروبا، الذين يسعون الآن لدراسة حملته كمثال يحتذى به قبل انتخاباتهم المحلية المقبلة في 2026.

وقد سافر قادة وأعضاء أحزاب يسارية من فرنسا وألمانيا والمملكة المتحدة إلى نيويورك لمتابعة الحملة عن قرب، بهدف التعرف على الاستراتيجيات التي مكنّت ممداني من جذب اهتمام الشباب والناخبين العاديين، خصوصًا في ظل تزايد قضايا تكلفة المعيشة وارتفاع أسعار السكن والطاقة.

وقالت مانون أوبري، الرئيسة المشاركة لحزب “فرنسا المتمردة”، إن تجربة ممداني توفر نموذجًا عمليًا لكيفية تحقيق “تغيير جذري” في الانتخابات المحلية.

وأضافت أن تركيز الحملة على القضايا المعيشية، إضافة إلى التعبئة الشعبية وتنظيم المتطوعين، يمكن أن يكون مصدر إلهام لحزبها في انتخابات المدن الفرنسية القادمة.

وفي ألمانيا، أرسل حزب اليسار المناهض للرأسمالية أربعة من مسؤوليهم إلى نيويورك، من بينهم رئيس الاستراتيجية موريس كاتز، للقاء فريق ممداني والتعرف على تفاصيل الحملة.

وذكرت ليزا بفلوم، مديرة المكتب البرلماني للرئيس المشارك لحزب اليسار، أن نجاح ممداني في الانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي يعكس فعالية التركيز على قضايا تكلفة المعيشة، والاستفادة من التمويل الصغير، والتواصل المباشر مع الناخبين من خلال الحملات الميدانية ووسائل التواصل الاجتماعي.

وأكدت أن حزبها يعتزم محاكاة هذه الاستراتيجية في الانتخابات التشريعية القادمة لولاية برلين.

واللافت في حملة ممداني هو استخدامه المكثف للوسائط الرقمية، خصوصًا مقاطع الفيديو القصيرة على منصات التواصل الاجتماعي، لتوصيل رسائل واضحة وبسيطة حول القدرة على تحمل التكاليف.

وقالت دانييل أوبونو، النائبة عن “فرنسا المتمردة”، إن هذه الطريقة أتاحت للناخبين التواصل مع شخصية ممداني بطريقة مباشرة وملموسة، وهو ما أضاف بعدًا جديدًا للحملات التقليدية في أوروبا.

كما أشار موثين علي، نائب زعيم حزب الخضر البريطاني، إلى أن السياسيين الأوروبيين غالبًا ما يعتمدون على مقاطع فيديو تقليدية “مملة”، وأن تجربة ممداني تبرز ضرورة الابتكار في التواصل مع الناخبين بطريقة مؤثرة وسهلة الوصول إليها.

ويعد صعود ممداني أيضًا انعكاسًا لتفوق القوى الأكثر تقدمية على الأطراف التقليدية في السياسة المحلية. ففي فرنسا، يسعى حزب “فرنسا المتمردة” لسد الفجوة بين قوته على المستوى الوطني وقدرته على إدارة البلديات، مستفيدًا من التجربة الأمريكية لتطوير نهج سياسي شعبي وفعّال.

وفي ألمانيا والمملكة المتحدة، يرى قادة الأحزاب التقدمية أن تجربة ممداني تؤكد الحاجة إلى إعادة التركيز على القضايا اليومية للناخبين، مثل القدرة على تحمل تكاليف السكن والغذاء والطاقة، بدلاً من التركيز على برامج بيئية أو سياسات بعيدة عن واقع المواطن العادي.

وقال ديفيد بيليارد، مرشح حزب الخضر لمنصب عمدة باريس، إن تجربة ممداني أكدت أهمية التركيز على “القدرة على الوصول إلى نهاية الشهر”، مشيرًا إلى أن القضايا الاجتماعية والاقتصادية المحلية غالبًا ما تكون أكثر تأثيرًا على الناخبين من البرامج الكبيرة التي لا تمس حياتهم اليومية مباشرة.

في الوقت نفسه، حافظ ممداني على تركيزه على الشأن المحلي، مؤكدًا أن الأولوية بالنسبة له هي التفاعل مع السكان المحليين ومعالجة القضايا التي تؤثر على حياتهم اليومية. وقال إنه يرى حملته كفرصة لإعادة التركيز على الطبقة العاملة وإعادة الأمل إلى الناخبين الذين شعروا بالإحباط سابقًا.

ويبدو أن صعود ممداني يمثل نموذجًا ملموسًا للقوى اليسارية في أوروبا، حيث يجمع بين استراتيجية شعبوية واهتمام حقيقي بقضايا المواطنين اليومية، ما يجعل حملاته مصدر إلهام للأحزاب الأوروبية التي تسعى إلى تحقيق نتائج ملموسة في انتخابات عام 2026.

ويرى مراقبون أن درس نيويورك قد يكون بداية تحول في كيفية إدارة الحملات الانتخابية الأوروبية، من التركيز على البرامج العامة إلى تلبية الاحتياجات اليومية للناس.

Exit mobile version