رئيسيشئون أوروبية

المعارضة الكتالونية تواجه طريقًا مسدودًا بعد رفض المحكمة الأوروبية قضايا برامج التجسس

بعد سنوات من الجدل القضائي، وجدت المعارضة الكتالونية نفسها أمام مأزق قانوني جديد بعد أن رفضت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان قضية تتعلق بفضيحة برامج التجسس المرتبطة بالحكومة الإسبانية، والمعروفة باسم “كاتالان غيت”.

ويعد هذا القرار ضربة قوية للضحايا الذين سعوا للعدالة بعد أن تعرضوا للمراقبة الرقمية باستخدام برامج التجسس بيغاسوس وكانديرو.

وأعرب جوزيب كوستا، نائب رئيس البرلمان الكتالوني السابق، واحد من أكثر من 60 ضحية معروفة لعملية المراقبة، عن شعوره بـ”العزلة” والإحباط بعد استنفاد جميع السبل القانونية في إسبانيا.

وقال كوستا لصحيفة بوليتيكو إن فضيحة برامج التجسس الأكبر في القرن يتم تجاهلها بشكل صارخ، مؤكدًا أن المحكمة الأوروبية لم تجد أي دليل على انتهاك حقوقه الأساسية، رغم تقديمه “مئات الصفحات من الوثائق والأدلة”.

وكان حكم المحكمة قد صدر في 11 سبتمبر/أيلول ووقّعه القاضي المجري أندراس جاكاب، مشيرًا إلى أن “المسائل المشكو منها لا تكشف عن أي مظهر من مظاهر انتهاك الحقوق والحريات المنصوص عليها في الاتفاقية أو بروتوكولاتها”.

وأضافت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان في بيان لاحق أنها لا تعلق على القرارات الفردية، ما زاد من إحباط الضحايا.

وتأتي هذه القضية ضمن فضيحة أوسع اندلعت عام 2022، بعد أن كشف باحثون عن إصابة أو استهداف سياسيين وقانونيين ونشطاء مؤيدين لاستقلال كتالونيا ببرامج تجسس إسرائيلية الصنع.

وقد وجد خبراء مختبر “سيتيزن لاب” في تورنتو أدلة ظرفية قوية تُشير إلى ضلوع السلطات الإسبانية في عمليات المراقبة.

ووصف إليس كامبو، زميل كوستا في مختبر المواطن وأحد ضحايا “كاتالان غيت”، الحكم بأنه “انهيار بطيء للمساءلة”، مشيرًا إلى أن رفض المحكمة لقضايا بارزة يعكس خللاً عميقًا في النظام الأوروبي ويقوض دورها في كبح سلطة الدولة عندما تفشل سبل الانتصاف المحلية.

وأضاف كامبو: “إذا رفضت المحكمة قضايا بهذا الحجم، فماذا تبقى للضحايا؟”.

وكوستا لم يكن ضحية القانون الإسباني فقط، بل مر بتجربة قضائية طويلة على الصعيد الوطني، حيث رفضت المحكمة العليا في مدريد دعواه، وأكد المركز الوطني للمخابرات الإسبانية أنه لا يملك أي ملفات عنه.

وبعد استنفاد جميع الطرق القانونية المحلية، رفع كوستا قضيته أمام المحكمة الأوروبية في يناير/كانون الثاني، لكنها رُفضت لأسباب إجرائية بسبب وجود قرار معلق في محكمة إسبانية، ليعيد رفع القضية مجددًا في أغسطس/آب قبل أن تتلقى الرفض النهائي.

وبالإضافة إلى كوستا، يواصل العديد من الضحايا الآخرين متابعة قضاياهم في إسبانيا، بمن فيهم الرئيس الكتالوني السابق أرتور ماس، الذي رفع دعوى جنائية زاعمًا أنه تعرض للتجسس بين عامي 2015 و2020.

كما قامت منظمة غير ربحية تُعرف باسم “تحالف سنتينل”، تضم خمسة مهندسين برمجيات كتالونيين، برفع دعوى ضد المخابرات الإسبانية والحرس المدني وشركتي “إن إس أو جروب” و”كانديرو” المصنعة لبرامج التجسس.

ويؤكد محللون أن قضية “كاتالان غيت” تمثل اختبارًا لمدى قدرة الآليات الأوروبية على حماية الحقوق الرقمية والسياسية للمدنيين ضد التجسس الحكومي.

وعلى الرغم من توافر الأدلة الظرفية، فإن القرار الأخير للمحكمة الأوروبية يظهر التحديات القانونية المعقدة التي يواجهها الضحايا، خصوصًا في الحالات التي تشمل تكنولوجيا مراقبة متقدمة ودولًا قوية سياسياً.

وفي الوقت الراهن، تسعى المعارضة الكتالونية لإعادة تنظيم صفوفها ومواصلة الضغط السياسي والقانوني، مع التركيز على الضغط الإعلامي وتوسيع الدعم الشعبي، على أمل إبقاء قضية برامج التجسس في دائرة الضوء.

ويرى محللون أن استمرار تجاهل هذه القضايا قد يؤدي إلى تآكل الثقة في المؤسسات الأوروبية وخلق شعور بالإحباط بين النشطاء السياسيين والقانونيين، ما قد ينعكس على المناخ السياسي في كتالونيا وإسبانيا بشكل عام.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى