رئيسيشؤون دولية

أوكرانيا تعمل على تبادل السجناء مع روسيا وسط جهود لاستئناف المفاوضات

تواصل أوكرانيا خطواتها العملية والسياسية لتخفيف أثر الحرب المستمرة منذ ما يقرب من أربع سنوات، من خلال التركيز على ملف تبادل الأسرى مع روسيا، وهو الملف الذي يمكن أن يكون نقطة انطلاق لاستئناف المفاوضات حول إنهاء الغزو الروسي.

وأعلن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، في بيان رسمي أن حكومته تعمل على “ضمان انطلاقة جديدة للمفاوضات، حتى يكون هناك أمل في النهاية بإنهاء هذه الحرب”.

وشدد زيلينسكي على أهمية استئناف عمليات تبادل الأسرى، معتبراً أن هذه الخطوة تمثل أولوية إنسانية واستراتيجية، إذ تُعد إحدى الوسائل المباشرة لإنقاذ حياة جنود ومدنيين محتجزين.

وأكد أمين مجلس الأمن القومي والدفاع الأوكراني، رستم عمروف، عبر تطبيق تيليجرام، أن مشاورات فنية ومكالمات مستمرة مع وسطاء دوليين، خاصة من تركيا والإمارات العربية المتحدة، تهدف إلى “استئناف عملية التبادل والإفراج عن شعبنا من الأسر الروسي”.

وأشار عمروف إلى أن هذه الجهود تركز على تفعيل اتفاقيات إسطنبول، والتي وُقّعت منذ عام 2022 بمبادرة تركية، وتنص على تنظيم تبادل أسرى الحرب بشكل واسع ومنهجي بين الطرفين.

وتشمل اتفاقيات إسطنبول معايير واضحة لتحديد من يمكن إطلاق سراحهم، وآليات التحقق من حالة الأسرى، وجدولة عمليات التبادل، بما يضمن الحد من أي تجاوزات أو مخاطر على الجانب الإنساني.

ويأتي الاتفاق الحالي على إطلاق سراح حوالي 1200 أوكراني ضمن هذه الاتفاقيات، ما سيتيح لهم العودة إلى وطنهم قبل الاحتفالات بنهاية العام، بما في ذلك عيد الميلاد وعيدي رأس السنة.

وسبق أن أشارت الأرقام الرسمية إلى أن 5857 أوكرانياً قد عادوا من الأسر الروسي منذ بداية الغزو الشامل في 2022، في عمليات تبادل منظمة تمت برعاية وسطاء دوليين.

وتشير هذه الإحصاءات إلى أن تبادل الأسرى أصبح أداة فعالة ضمن المفاوضات الإنسانية، كما أنه يسهم في تخفيف الضغوط الداخلية على القيادة الأوكرانية، ويبعث رسالة قوية عن الالتزام بحماية المواطنين العسكريين والمدنيين المحتجزين.

وقال زيلينسكي إن العملية الحالية ليست مجرد تبادل رمزي، بل هي خطوة عملية لتعزيز فرص السلام المستدام.

وأضاف: “نعمل على ضمان انطلاق جديد للمفاوضات، حتى يكون هناك بعد كل شيء احتمال لإنهاء هذه الحرب”، مؤكداً أن استئناف الحوار مع روسيا هو جزء لا يتجزأ من الاستراتيجية الأوكرانية لتحقيق استقرار طويل المدى.

كما شدد عمروف على أن المحادثات الفنية لوضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل اللوجستية للتبادل ستُعقد قريبًا، وهو ما يعكس مستوى التنسيق العالي بين الأطراف المعنية لضمان سير العملية بسلاسة وأمان.

ويشير هذا إلى أن كييف تأخذ بعين الاعتبار كافة الأبعاد الإنسانية والتقنية، بما في ذلك سلامة الأسرى وإعداد تقارير دقيقة قبل وأثناء وبعد عملية الإفراج.

وتظهر هذه الخطوة أيضًا الاهتمام الدولي بالملف الإنساني، إذ تلعب تركيا والإمارات دور وسطاء مهمين، ما يعكس التزام المجتمع الدولي بخلق مسارات للحوار والتفاهم، بعيدًا عن التصعيد العسكري المباشر.

وفي الوقت نفسه، يعكس ذلك قدرة أوكرانيا على الحفاظ على شبكة دبلوماسية نشطة تساهم في حماية مصالحها الإنسانية والسياسية، فضلاً عن تعزيز مكانتها التفاوضية على الساحة الدولية.

في المجمل، يمثل تحرك أوكرانيا نحو تبادل السجناء مع روسيا مؤشراً إيجابياً على إمكانية بناء الثقة بين الطرفين، ولو جزئياً، وهو ما قد يمهد الطريق لخطوات مستقبلية نحو خفض التوتر واستئناف مفاوضات السلام.

كما أن النجاح في هذا الملف سيعطي القيادة الأوكرانية مصداقية أكبر داخلياً وخارجياً، ويعزز من الروح المعنوية للمجتمع الأوكراني، خاصة بين أسرى الحرب وعائلاتهم، في ظل استمرار النزاع الذي طال أمده وأودى بحياة عشرات الآلاف من المدنيين والعسكريين.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى