أوروبا تسعى لتصحيح أخطاء الاستعمار في أفريقيا وسط سباق محتدم على الموارد

في ظل التدافع الجديد على ثروات القارة الأفريقية، تحاول أوروبا إعادة ضبط علاقتها بالبلدان الأفريقية بعد عقود من الاستغلال الاستعماري والهيمنة الاقتصادية، إلا أن الطريق يبدو محفوفًا بالتحديات في مواجهة النفوذ الصيني الأمريكي المتصاعد.
وقالت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين في كلمة رئيسية ألقتها في أكتوبر/تشرين الأول: “مبادرة البوابة العالمية تُعنى بالمنافع المتبادلة”، مؤكدة أن الاتحاد الأوروبي يسعى إلى بناء سلاسل قيمة متينة تشمل البنية التحتية المحلية، وتوفير فرص العمل، وتنمية الصناعات المحلية في البلدان المضيفة، بما يضمن استثمار الموارد الأفريقية بشكل مستدام وعادل.
ومع ذلك، لا تزال أوروبا تواجه تحديًا كبيرًا في ترجمة هذه التصريحات إلى واقع ملموس، في ظل هيمنة الصين على استخراج ومعالجة المعادن الحيوية مثل الكوبالت والنحاس في زامبيا وجمهورية الكونغو الديمقراطية وأنغولا.
فقد نجحت بكين منذ سنوات في تأمين وصول طويل الأمد إلى موارد القارة عبر استثمارات ضخمة في التعدين والبنية التحتية، ما جعلها المعالج المهيمن عالميًا على المعادن الحيوية.
وفي خطوة ميدانية، وقع مفوض الاتحاد الأوروبي للشراكات الدولية جوزيف سيكيلا حزمة استثمارية بقيمة 116 مليون يورو لتطوير ممر لوبيتو، الذي يربط المناطق الغنية بالمعادن في الداخل بميناء لوبيتو على المحيط الأطلسي.
ويُعتبر هذا المشروع جزءًا من برنامج “البوابة العالمية”، الذي يهدف إلى تحديث البنية التحتية القديمة التي أنشأتها القوى الاستعمارية السابقة بغرض تصدير الموارد إلى الغرب.
ومع ذلك، يحذر المراقبون من أن المشروع يواجه انتقادات بسبب إعطاء الأولوية للمصالح الغربية على التنمية المحلية، واحتمال تدمير الغابات، ونزوح المجتمعات المحلية، وانعدام الفوائد المباشرة للسكان.
وقال إيمانويل أومبولا نكومبا، المدير التنفيذي لمنظمة “أفري ووتش”: “لم نصل بعد إلى المرحلة التي يمكننا فيها رؤية كيف يحاول الاتحاد الأوروبي حقًا تغيير الأمور على أرض الواقع من حيث القيمة المضافة في جمهورية الكونغو الديمقراطية. هم يأتون لكسب المال، وليس لمساعدتنا”.
وتسعى بروكسل أيضًا إلى تنويع سلاسل توريدها للمعادن بعيدًا عن الصين، مع التركيز على معادن استراتيجية مثل الليثيوم والمعادن النادرة.
وقد تم الإعلان عن خطة جديدة للاتحاد الأوروبي، من المقرر إصدارها في 3 ديسمبر/كانون الأول، لتعزيز قدرته على المنافسة في السوق العالمي للمعادن الحيوية، مع الالتزام بالمعايير البيئية والاجتماعية وخلق قيمة اقتصادية محلية في البلدان الأفريقية.
ومع ذلك، يقر العديد من الخبراء بأن الاتحاد الأوروبي ما يزال متأخرًا مقارنة باللاعبين الآخرين.
وقال كريستيان جيرو نيما بيامونغو، خبير في العلاقات الصينية الأفريقية: “شركات الاتحاد الأوروبي تسعى جاهدة لمواكبة التطورات، لكنها غادرت أفريقيا عندما شعروا أنها ليست مكانًا مناسبًا لممارسة الأعمال التجارية”.
ويأتي كل هذا في ظل احتفالات أنغولا بمرور خمسين عامًا على استقلالها، حيث يلتقي الزعماء الأفارقة والأوروبيون في قمة لواندا، لتأكيد أهمية الشراكات “المربحة للطرفين” وبناء الثقة في ظل سباق دولي محتدم للسيطرة على موارد القارة.



