Site icon أوروبا بالعربي

التوترات البولندية-الألمانية بشأن تعويضات الحرب العالمية الثانية تُلقي بظلالها على قمة الزعماء

رئيس الوزراء البولندي دونالد توسك والمستشار الألماني فريدريش ميرز

شهدت العاصمة الألمانية قمة زعماء بارزة تخللها توتر واضح بين رئيس الوزراء البولندي دونالد توسك والمستشار الألماني فريدريش ميرز، على خلفية الخلاف حول تعويضات الحرب العالمية الثانية والتعويض عن الدمار الذي ألحقته ألمانيا ببولندا خلال فترة الاحتلال النازي.

وألقى هذا الخلاف العلني بظلاله على المحادثات التي كان من المفترض أن تعكس الوحدة والتعاون بين البلدين حول مجموعة من القضايا، بما في ذلك الدفاع الأوروبي ودعم أوكرانيا، إلا أن زعيمي البلدين أمضيا جزءًا كبيرًا من الاجتماع في النقاش حول مسألة التعويضات التي طالما شكلت قضية حساسة في العلاقات البولندية-الألمانية.

وقال ميرز، في تصريح له أثناء الاجتماع، إن “الحفاظ على الذكريات، حتى المؤلمة منها، أمر ضروري، وعلينا القيام بذلك بطريقة تقربنا من بعضنا البعض بدلًا من أن تفرقنا”.

لكن توسك، تحت ضغط سياسي من المعارضة القومية في حزبه، حزب القانون والعدالة، اتخذ موقفًا أكثر تشددًا، منتقدًا ألمانيا لرفضها دفع التعويضات لبولندا.

وأوضح توسك: “نحن جميعًا في بولندا نعتقد أن بلادنا لم تتلقَ تعويضات عن الخسائر والجرائم التي ارتكبت خلال الحرب العالمية الثانية”.

وتشير الأرقام التاريخية إلى أن حكومة حزب القانون والعدالة السابقة طالبت ألمانيا بتعويضات تصل قيمتها إلى 1.3 تريليون يورو عن الاحتلال الألماني بين عامي 1939 و1945.

ورغم أن برلين اعتبرت هذه القضية “مغلقة” قانونيًا منذ عقود، أعاد توسك فتحها، مشددًا على أن التنازل الذي وقعته بولندا في خمسينيات القرن الماضي تحت الضغط السوفييتي لا يعكس إرادة الشعب البولندي.

وأضاف توسك: “في تلك الفترة لم يكن لبولندا أي رأي في الأمر، ولا يُعتبر تنازلها عن التعويضات تعبيرًا عن إرادة شعبنا”.

وأوضح أن الوقت يمر سريعًا، وأن أعداد ضحايا الاحتلال النازي الذين ما زالوا على قيد الحياة تتناقص، مما يجعل سرعة اتخاذ الإجراءات أمرًا عاجلًا.

من جانبه، عرض ميرز خطوات لتعويض الاستياء البولندي، بما في ذلك بناء نصب تذكاري في برلين لضحايا بولندا من ألمانيا النازية، وإعادة القطع الأثرية الثقافية البولندية التي نهبها النازيون.

كما تعهدت الحكومة الألمانية بدراسة إمكانية تقديم دعم مالي مباشر للناجين من العدوان النازي البولندي، وهو اقتراح كان المستشار الألماني السابق أولاف شولتز قد طرحه سابقًا، لكنه لم يُنفذ بعد.

وعلى الرغم من الخلافات، أكد الزعيمان استمرار التواصل الوثيق حول التطورات في أوكرانيا والمفاوضات بشأن اتفاق سلام محتمل، مؤكدين على أهمية التعاون في القضايا الأمنية والاقتصادية، رغم المخاطر المحتملة لتصعيد الانقسامات التاريخية بين البلدين.

وقال توسك: “لدينا متطرفون على جانبي الحدود يسعون لإثارة المشاعر المعادية لألمانيا في بولندا، والمشاعر المعادية لبولندا في ألمانيا، لكنني واثق من أنهم لن ينجحوا في تحقيق أهدافهم”.

ويبقى ملف التعويضات الألمانية البولندية أحد أكثر الملفات تعقيدًا في العلاقات الأوروبية، حيث يوازن البلدان بين الالتزامات التاريخية، الضغوط السياسية الداخلية، والأولويات الاستراتيجية المتعلقة بالتعاون الأمني والدعم لأوكرانيا.

وتكشف هذه القمة عن تحديات مستمرة في إدارة تاريخ مؤلم بينما يسعى الزعيمان لتعزيز الشراكة المستقبلية بين البلدين.

Exit mobile version