رئيسيشئون أوروبية

فون دير لاين تنأى بنفسها عن فضيحة الاحتيال الدبلوماسي للسياسة الخارجية الأوروبية

في خضم واحدة من أكثر قضايا الفساد حساسية داخل مؤسسات الاتحاد الأوروبي، سارعت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين إلى النأي بنفسها عن التحقيقات التي تهزّ الخدمة الدبلوماسية للاتحاد الأوروبي.

وجاء ذلك بعد مداهمات مباغتة نفذتها السلطات البلجيكية فجر الثلاثاء وأدت إلى احتجاز شخصيات رفيعة تولت مواقع حساسة في الجهاز الدبلوماسي الأوروبي خلال السنوات الماضية.

ويستهدف التحقيق الجديد ف بالأساس مزاعم تفيد بأن خدمة العمل الخارجي الأوروبية EEAS منحت بشكل احتيالي عقدًا لإدارة أكاديمية تدريبية للدبلوماسيين المستقبليين إلى كلية أوروبا في مدينة بروج، وهي مؤسسة تحظى بثقل سياسي وتاريخي داخل بنية الاتحاد.

ومن بين أبرز الأسماء التي طالتها العملية، الدبلوماسية السابقة في الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني، والأمين العام السابق لجهاز العمل الخارجي ستيفانو سانينو، اللذان احتُجزا خلال المداهمات قبل أن تبدأ السلطات البلجيكية إجراءات تحقيق واسعة.

ورغم خطورة القضية وارتباطها بجهاز رئيسي ضمن منظومة الاتحاد الأوروبي، قال مسؤولون في المفوضية الأوروبية إن التحقيق “لا يتعلق بها مباشرة”، معتبرين أن الملف “مرتبط بهيئة منفصلة”، في إشارة إلى خدمة العمل الخارجي الأوروبية.

وأضاف أحد المسؤولين أن الأمر “لا يتعلق بإبعاد المفوضية نفسها، بل يتعلق بمؤسسة مختلفة يتم التحقيق فيها.”

وفي خطوة يرى مراقبون أنها جاءت لامتصاص الصدمة السياسية، أعلنت المفوضية الأوروبية أن ستيفانو سانينو ترك منصبه الجديد كرئيس لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا والخليج، وهو المنصب الذي تولاه مسبقًا بعد انتقاله من الخدمة الدبلوماسية إلى المؤسسة التنفيذية للاتحاد.

وعلى الرغم من هذا الربط الوظيفي، شدّد ثلاثة من مسؤولي المفوضية على أن التحقيق لا يمت بصلة لفون دير لاين أو لعمل المفوضية المباشر، وأن القضية “تعود بالكامل إلى فترة عمل سانينو السابقة في جهاز العمل الخارجي الأوروبي”.

ووصف مسؤول آخر الهجمات الإعلامية والسياسية ضد رئيسة المفوضية بأنها “غير عادلة وغير حكيمة”، خصوصًا أنها تأتي في فترة حساسة تسعى خلالها فون دير لاين لحشد الدعم المالي والسياسي لأوكرانيا قبل قمة أوروبية مفصلية في ديسمبر.

وكشفت القضية كذلك عن توترات قائمة بين فون دير لاين ورئيسة جهاز العمل الخارجي الأوروبي الحالية، كايا كالاس.

فكالاس – التي تولت منصبها في ديسمبر 2024 بعد انتهاء فترة الممثل الأعلى السابق – حاولت بدورها النأي بنفسها عن التحقيقات، مؤكدة في رسالة داخلية اطلعت عليها “بوليتيكو” أنها “صُدمت بشدة” من الاتهامات، لكنها شددت على أن الأحداث تعود إلى ما قبل تولّيها منصبها.

وأشارت كالاس إلى أنها بدأت منذ الأشهر الأولى لإدارتها بتنفيذ إصلاحات داخلية، تضمنت تطوير استراتيجية مكافحة الاحتيال وتعزيز التعاون مع مكتب مكافحة الاحتيال الأوروبي OLAF و مكتب المدعي العام الأوروبي EPPO.

وإلى جانب قضية التعاقدات الاحتيالية، كشفت أربعة مصادر داخل جهاز العمل الخارجي الأوروبي عن شكوك واسعة حول كيفية إدارة سانينو للتعيينات الدبلوماسية خلال فترة عمله، إذ يُزعم أنه فضّل شخصيات معينة في منح مناصب دبلوماسية مرغوبة، في ممارسات وُصفت بأنها “محسوبية منظمة”.

كما أكدت مصادر مطلعة أن خدمات مكافحة الاحتيال زارت مكتب سانينو قبل مغادرته الجهاز، في مؤشر على أن الشبهات بشأنه سبقت المداهمات الأخيرة.

ومع ذلك، تقول المفوضية إنها لم تكن على علم بالشكاوى المتعلقة بعمله السابق عند تعيينه رئيسًا لقسم مهم يتعلق بالشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

وفي بيانها، أعلنت جهة التحقيق الأوروبية أنها طلبت رفع الحصانة عن “عدد من المشتبه بهم” قبل بدء العملية، وأن الطلب أُجيز. لكن لم تُعلن الجهات الأوروبية حتى الآن مَن منح هذه الموافقة.

وأشار مسؤول أوروبي إلى أن طلب رفع حصانة سانينو وُجه إلى جهاز العمل الخارجي الأوروبي في سبتمبر، في حين نفت المفوضية علمها بذلك.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى