رئيسيشؤون دولية

كالاس تقلل من أهمية انتقادات استراتيجية ترامب الأمنية وتدعو أوروبا إلى الثقة بالنفس

في خضم الجدل المتصاعد حول الاستراتيجية الأمنية الجديدة التي أعلنتها إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، قللت مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي كايا كالاس من أهمية الانتقادات اللاذعة التي توجهها واشنطن إلى الحكومات الأوروبية، معتبرة أن بعض الملاحظات الواردة في الوثيقة “صحيحة” وتستدعي مراجعة داخل البيت الأوروبي.

وخلال مشاركتها في ندوة على هامش منتدى الدوحة – أحد أبرز التجمعات الدولية التي تجمع دبلوماسيين وقادة سياسيين ومنظمات مجتمع مدني – أكدت كالاس أن أوروبا لم تُحسن تقدير قوتها الحقيقية أمام روسيا.

وقالت: “لقد قللت أوروبا من شأن نفوذها تجاه روسيا. علينا أن نكون أكثر ثقة بأنفسنا، هذا أمر مؤكد.”

وتأتي ملاحظات كالاس بعد يوم واحد فقط من إصدار البيت الأبيض لاستراتيجية أمن قومي جديدة من 33 صفحة، تضمنت انتقادات غير مسبوقة لعدد من السياسات الأوروبية، خصوصًا في ملف الهجرة والحدود والحريات السياسية.

وتقول الوثيقة إن دولًا أوروبية عدة تمر بحالة “انحسار حضاري” بسبب قبولها أعدادًا كبيرة من المهاجرين، كما اتهمت حكومات أوروبية بممارسة “رقابة جائرة” على بعض الأحزاب، وعلى رأسها أحزاب اليمين المتطرف الصاعدة.

كما حملت الوثيقة الأوروبيين جزءًا من المسؤولية عن استمرار الحرب في أوكرانيا، معتبرة أن الأوروبيين “عقبة” أمام الجهود التي تبذلها واشنطن لإنهاء النزاع، رغم تجاهل الوثيقة إلى حدّ كبير الدور الروسي كجهة بادئة بالحرب.

ورغم تأكيد الوثيقة على أن أوروبا تبقى شريكًا مهمًا للولايات المتحدة، فإنها لم تُخفِ نية الإدارة الأمريكية في تعزيز نفوذ تيارات اليمين المتطرف داخل القارة، معتبرة أنها البديل الأنسب للنهج الأوروبي التقليدي الذي تتبناه الحكومات المركزية في ألمانيا وفرنسا وبروكسل.

كما لفت مراقبون إلى أن الاستراتيجية الأمريكية تجنبت توجيه انتقادات جوهرية لروسيا، على الرغم من أنها الطرف الذي شنّ الحرب على أوكرانيا ويمارس ضغوطًا سياسية وأمنية على دول أوروبية أخرى.

وخلال الجلسة التي أدارتها مراسلة CNN كريستيان أمانبور، سألت الأخيرة وزيرة الخارجية الأوروبية عما إذا كانت الاستراتيجية الجديدة تشير إلى أن واشنطن باتت تنظر إلى أوروبا على أنها “العدو”.

وردّت كالاس قائلة: “لم أقرأ الأمر بهذه الطريقة”، مشيرة إلى أن الوثيقة احتوت أيضًا على إشارات واضحة إلى أهمية التحالف عبر الأطلسي، وأن الولايات المتحدة ما زالت “أكبر حليف” لأوروبا.

وأوضحت كالاس أن الخلافات السياسية بين ضفتي الأطلسي ليست جديدة، وأن العلاقة مع الولايات المتحدة لطالما شهدت تباينات، لكنها أكدت أن “المبدأ العام لا يزال قائمًا: نحن أكبر حلفائهم، وعلينا أن نبقى متحدين”.

وتوقفت كالاس عند الفقرة المتعلقة بضعف الثقة بالنفس الأوروبي، مشيرة إلى أن الاستراتيجية الأمريكية نفسها تعترف بأن الاتحاد الأوروبي يملك تفوقًا كبيرًا على روسيا في معظم مجالات القوة الصلبة، ما عدا الترسانة النووية. وقالت إن أوروبا غالبًا ما تقلل من قدراتها الذاتية.

وتشير الوثيقة الأمريكية إلى أن العلاقات الأوروبية الروسية وصلت إلى أدنى مستوياتها منذ اندلاع الحرب في أوكرانيا، وأن شريحة واسعة من الأوروبيين ينظرون اليوم إلى موسكو باعتبارها “تهديدًا وجوديًا” مباشرًا.

وبينما بدت كالاس حريصة على تهدئة التوتر السياسي والدبلوماسي مع واشنطن، فإن تصريحاتها حملت أيضًا رسالة واضحة إلى الداخل الأوروبي: على الاتحاد أن يتخلص من حالة التردد وأن يتصرف كقوة عالمية تمتلك أوراقًا حقيقية في مواجهة روسيا وفي التعامل مع الولايات المتحدة أيضًا.

وعلى الرغم من أن الاستراتيجية الأمنية الأمريكية الجديدة ستظل مثار انتقاد واسع داخل المؤسسات الأوروبية، فإن مداخلة كالاس في الدوحة عكست رغبة بروكسل في تخفيف حدة المواجهة مع واشنطن وإعادة التركيز على الشراكة الاستراتيجية التي تعتمد عليها أوروبا اقتصاديًا وأمنيًا في مرحلة شديدة الحساسية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى