تصاعدت موجة الإشادات داخل أوساط اليمين الشعبوي الأوروبي بعد الهجوم العلني الذي شنه مسؤولون في إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب على الاتحاد الأوروبي، إثر فرض بروكسل غرامة قدرها 120 مليون يورو على منصة إكس المملوكة لإيلون ماسك بسبب انتهاكات مزعومة لقانون الخدمات الرقمية (DSA).
وأثارت القضية ردوداً متلاحقة عبر الأطلسي باتت تُستغل سياسيًا داخل أوروبا، حيث ترى الأحزاب اليمينية المتطرفة أن انتقادات واشنطن الجديدة توفر دعمًا إضافيًا لمساعيها الهادفة إلى تقويض نفوذ مؤسسات الاتحاد الأوروبي وتوسيع السيادة الوطنية للدول الأعضاء.
وكان رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان أول المبادرين لاستغلال الحدث، إذ كتب على منصة X: “هجوم المفوضية على X يُظهر الحقيقة كاملة: عندما يعجز أسياد بروكسل عن الفوز في النقاش، يلجؤون إلى الغرامات. أوروبا بحاجة إلى حرية التعبير، لا إلى بيروقراطيين غير منتخبين يقررون ما يمكننا قراءته أو قوله.”
كما أشاد أوربان بشجاعة إيلون ماسك في مواجهة القرار الأوروبي، في حين أعلن ماسك بدوره أن رده على الغرامة سيستهدف المسؤولين الأوروبيين الذين فرضوها.
اليمين الألماني المتطرف يدخل على الخط
في ألمانيا، وصفت أليس فايدل، زعيمة حزب البديل من أجل ألمانيا (AfD)، خطوة المفوضية بأنها محاولة لتكميم الأفواه وتقييد النقاش العام. وقالت إن بروكسل تريد “إسكات الأصوات الناقدة” وفرض نموذجها الخاص على فضاء الإنترنت الأوروبي.
وتأتي تعليقات فايدل في سياق تحركات أوسع من اليمين المتطرف الأوروبي، الذي يرى في الحملة الأميركية ضد بروكسل فرصة لتعزيز موقعه أمام الرأي العام الأوروبي المتشكك.
وسارعت ثلاث كتل يمينية متطرفة في البرلمان الأوروبي — وهي المحافظون والإصلاحيون الأوروبيون، والوطنيون من أجل أوروبا، وأوروبا الدول ذات السيادة —إلى دعم الخطاب الأميركي. وتشغل هذه التكتلات مجتمعة 191 مقعدًا من أصل 720، ما يمنحها وزناً ملحوظاً في النقاشات التشريعية الحالية.
وتسعى هذه الأحزاب إلى تقليص سلطات بروكسل لصالح الحكومات الوطنية وإعادة اختصاصات متعددة إلى الدول والدفع نحو تفكيك تدريجي للاتحاد الأوروبي في بعض الملفات مع ربط أجنداتها بالنهج الأميركي تحت شعار “جعل أوروبا عظيمة مرة أخرى”.
ضغط أوروبي داخلي على قانون الخدمات الرقمية
دخلت مجموعة الحقوقيين الأوروبيين (ECR) — جناح رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني — على خط الجدل، مشيرة إلى أن تطبيق قانون الخدمات الرقمية قد يتحول إلى أداة سياسية إذا لم يتمتع بـ”اليقين القانوني”.
وقال نيكولا بروكاتشيني، الرئيس المشارك للمجموعة: “أي قانون رقمي يفتقر إلى الوضوح قد يصبح وسيلة للاجتهاد السياسي.”
ورغم أن المجموعة نفسها دعمت القانون عند إقراره سابقاً، فإنها ترى أن التطورات الأخيرة تتطلب إعادة تقييم آلية تطبيقه.
ويعكس الجدل المتصاعد حول غرامة منصة X مدى حساسية ملف تنظيم المحتوى في أوروبا، في وقت يستثمر فيه اليمين الشعبوي — بتشجيع من خطاب إدارة ترامب — هذا الخلاف لتوسيع معركته ضد نفوذ مؤسسات الاتحاد الأوروبي وإعادة تشكيل موازين القوة داخل القارة.

