رئيس الوزراء التشيكي الجديد بابيش يفاقم المخاوف الشعبوية في بروكسل

من المتوقع أن تتصاعد المخاوف داخل مؤسسات الاتحاد الأوروبي مع تولّي الملياردير اليميني أندريه بابيش منصب رئيس وزراء جمهورية التشيك اليوم، في خطوة قد تسهم في تعزيز التحالفات الشعبوية داخل أوروبا الوسطى وتشكيل صداع جديد لبروكسل.
وسيُعين الرئيس التشيكي بيتر بافيل، رسميًا، بابيش في المنصب بعد طيّ صفحة نزاع طويل حول تضارب المصالح المرتبط بإمبراطوريته الاقتصادية الضخمة “أجروفيرت”.
ورغم أن تسوية الملف القانوني تُعد خطوة ضرورية لتمكين الحكومة الجديدة، فإن المخاوف الأوروبية تتركّز حول توجهات بابيش السياسية على المستوى الإقليمي.
تحالفات شعبوية تهدد مسار الاتحاد
تتمثل أبرز مخاوف بروكسل في قدرة بابيش على بناء تحالفات تُعيد رسم ملامح ميزان القوى داخل الاتحاد الأوروبي، ولا سيما مع قادة يمينيين شعبويين مثل رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان ورئيس الوزراء السلوفاكي روبرت فيكو.
وبوجود هذا الثلاثي، يمكن لوسط أوروبا تشكيل كتلة قادرة على عرقلة ملفات تشريعية أوروبية حاسمة، سواء في مجالات السياسة الداخلية أو القضايا الخارجية.
ويرى مراقبون في بروكسل أن عودة بابيش إلى السلطة تمثل فرصة لأوربان وفيكو لتعزيز محور محافظ مناهض للمؤسسة الأوروبية، خصوصًا في ظل ضغوط داخلية وإقليمية تتعلق بالعقوبات على روسيا، وأمن الطاقة، والهجرة.
إحياء مجموعة فيسيغراد الرباعية
لطالما تحدث بابيش عن رغبته في إحياء مجموعة “فيسيغراد 4″، وهي تحالف سياسي وثقافي يضم التشيك والمجر وسلوفاكيا وبولندا.
وتراجعت فاعلية المجموعة منذ بدء الغزو الروسي لأوكرانيا بسبب انقسام أعضائها حول العلاقة مع كييف وموسكو.
ومع ذلك، يتوقع أن يتحول التحالف إلى “V3” فقط، إذ يُنظر إلى رئيس الوزراء البولندي الحالي دونالد توسك، الموالي لأوروبا والداعم لأوكرانيا، باعتباره غير قابل للانسجام مع توجهات أوربان.
لكن رئيس بولندا، كارول ناوروكي، المنتمي لحزب “القانون والعدالة” اليميني الشعبوي، لا يزال يبدي اهتمامًا بإحياء المجموعة، ما يزيد احتمالات إضفاء طابع أيديولوجي يميني أكثر صراحة على التحالف.
تهديد لملفات البيئة والمناخ
تواجه بروكسل مخاوف إضافية تتعلق بموقف حكومة بابيش الجديدة من السياسات البيئية.
إذ يُتوقع أن يُعارض ائتلافه—المكوّن من حزب “ANO” وحلفائه اليمينيين المتشددين—مشاريع الاتحاد الأوروبي المرتبطة بالتحول الأخضر، بما في ذلك نظام تداول الانبعاثات الثاني (ETS2)، والتشريعات الخاصة بانبعاثات النقل والمباني، والمساعي الرامية إلى حظر محركات الاحتراق الداخلي بحلول 2035.
ويُنظر إلى هذا الموقف باعتباره امتدادًا لتوجه أوسع لدى الأحزاب اليمينية الشعبوية في أوروبا الرافضة للضغوط البيئية والمالية التي تفرضها سياسات المناخ الأوروبية.
وبعد فوزه الحاسم في انتخابات أكتوبر، خفّف بابيش نبرة تصريحاته الانتخابية حول إنهاء مبادرة الذخيرة التشيكية المخصصة لدعم أوكرانيا.
ورغم أن هذا التعديل قد يهدف إلى طمأنة الشركاء الأوروبيين، لا تزال الشكوك قائمة بشأن مدى ترجمة ذلك إلى التزام فعلي في السياسة الخارجية.
ومن المتوقع أن تتضح ملامح توجهات الحكومة الجديدة بصورة أكبر خلال زيارة بابيش إلى بروكسل للمشاركة في اجتماعات المجلس الأوروبي لاحقًا هذا الأسبوع، شرط اكتمال تعيين باقي أعضاء حكومته قبل ذلك الموعد.



