رئيس الوزراء الفرنسي ينتزع فوزًا صعبًا بعد تمرير ميزانية الضمان الاجتماعي

حقق رئيس الوزراء الفرنسي سيباستيان ليكورنو، مساء الثلاثاء، انتصارًا سياسيًا مهمًا بعدما نجحت حكومته في تمرير ميزانية الضمان الاجتماعي لعام 2026 في الجمعية الوطنية بفارق ضئيل بلغ 13 صوتًا فقط، في تصويت اتسم بالتقلبات والتوترات السياسية حتى اللحظات الأخيرة.
ورغم أن مشروع القانون ما يزال بحاجة إلى موافقة مجلس الشيوخ، فإن تخطيه عقبة الجمعية الوطنية، باعتبارها الغرفة الأكثر نفوذًا، يُعد مؤشرًا إيجابيًا على قدرة حكومة ليكورنو الأقلية على الصمود، في وقت تتزايد فيه الضغوط من الأسواق المالية القلقة بشأن تفاقم العجز المالي للبلاد.
وتشير التوقعات إلى أن عجز الميزانية قد يصل إلى مستوى مرتفع يبلغ 5.4 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي بنهاية العام.
وفي أول تعليق له بعد التصويت، أشاد ليكورنو بالنواب الذين دعموا المشروع، قائلاً عبر منصة X: “تقديم التنازلات ليس مجرد شعار، بل خطوة ضرورية للمضي قدمًا من أجل الصالح العام.”
ويمثل تمرير الميزانية انتصارًا رمزيًا لرئيس الوزراء، خاصة وأن حكومتين سابقتين برئاسته أخفقتا في تمرير ميزانيات الضمان الاجتماعي خلال العامين الماضيين.
وكشف التصويت عن تعقيدات المشهد السياسي الفرنسي، حيث أظهر حزب “النهضة” الحاكم تماسكًا كاملًا بتصويت جميع نوابه الـ 91 لصالح المشروع.
في المقابل، اختار غالبية نواب الحزب الجمهوري المحافظ إما دعم المشروع أو الامتناع عن التصويت، رغم تحفظاتهم على عدم تضمينه إجراءات أقوى للحد من العجز.
وبرز خلاف جديد بين الحكومة وإدوارد فيليب، الحليف السابق للرئيس ماكرون وأول رئيس وزراء في عهده، الذي انتقد النص واعتبر أنه لا يقدم حلولاً كافية لتقليص العجز المتصاعد. واستجاب معظم نواب حزبه الوسطي الصغير لدعوته بالامتناع عن التصويت.
كما كان متوقعًا، صوتت أحزاب اليمين المتطرف (التجمع الوطني) واليسار الراديكالي (فرنسا الصامدة) ضد مشروع القانون.
ويعد هذا الانتصار المؤقت تأكيدًا على الاستراتيجية التي يتبعها ليكورنو، والمبنية على السعي إلى حلول وسط داخل برلمان منقسم بشدة، ورفض اللجوء إلى المادة الدستورية 49.3 التي تخوّل الحكومة تمرير القوانين دون تصويت — وهي أداة أثارت جدلًا واسعًا خلال السنوات الماضية.
ولو سقط المشروع، لكان ليكورنو مهددًا بفقدان منصبه، وهو ما كان سيضع الرئيس إيمانويل ماكرون أمام خيارين أحلاهما مرّ: تعيين رئيس وزراء جديد للمرة السادسة خلال أقل من عامين، أو الدعوة إلى انتخابات مبكرة قد تصب في مصلحة اليمين المتطرف.
لكن طريق ليكورنو لا يزال مليئًا بالعقبات، إذ تنتظره معركة أشد صعوبة في مناقشة ميزانية الدولة، وهي مشروع قانون منفصل أثبت في مراحل سابقة أنه أكثر إثارة للانقسامات.
ففي تصويت سابق، لم يصوت لصالح جزء من ميزانية الدولة سوى نائب واحد فقط من أصل 577 نائبًا، ما ينذر بمرحلة تفاوضية شاقة.
وكتب ليكورنو على منصة X محذرًا: “المرحلة المقبلة ستكون صعبة… وربما أصعب من الأسبوعين الماضيين.”
ورغم الفوز المهم ليلة الثلاثاء، يدرك رئيس الوزراء الفرنسي أن الطريق إلى الاستقرار السياسي لا يزال طويلًا، وأن اختبار ميزانية الدولة قد يكون ومعه مستقبله السياسي على المحك.



