رئيسيشؤون دولية

أيرلندا تطلق خطة دفاعية تاريخية بقيمة 1.7 مليار يورو لتعزيز قدراتها العسكرية

أعلنت الحكومة الأيرلندية، عن خطة دفاعية واسعة بقيمة 1.7 مليار يورو لتقوية منظومتها العسكرية ورفع جاهزيتها ضد التهديدات الجوية والبحرية المتصاعدة، وعلى رأسها الطائرات المسيّرة ومحاولات التخريب التي قد تستهدف الكابلات والبنية التحتية في البحر.

ويأتي هذا الإعلان فيما تستعد أيرلندا — الدولة غير العضو في حلف الناتو والتي تعتمد تاريخيًا على بريطانيا في جزء كبير من أمنها — لرئاسة الاتحاد الأوروبي خلال النصف الثاني من العام المقبل، وسط تصاعد المخاوف الأمنية في أوروبا وتنامي النشاط الاستخباراتي الروسي.

وتهدف الخطة الخمسية، التي جرى كشفها خلال زيارة وزيرة الدفاع هيلين ماكنتي لمعسكر كوراغ العسكري قرب دبلن، بشكل واضح إلى طمأنة الشركاء الأوروبيين بأن أيرلندا ستكون قادرة على تأمين الأجواء والمياه خلال اجتماعات القمم السياسية الكبرى التي ستستضيفها العام المقبل.

وقالت ماكنتي إن بلادها ستشتري تقنيات متقدمة مضادة للطائرات المسيّرة بقيمة 19 مليون يورو “في أسرع وقت ممكن”، خصوصًا مع اقتراب موعد الرئاسة الأوروبية، رافعةً مستوى الجهوزية العسكرية في دولة لطالما اعتُبرت “نقطة عمياء” في منظومة الأمن الأوروبي.

وجاء الإعلان بعد أسبوع فقط من زيارة الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إلى دبلن، والتي كشفت عن فجوات ضخمة في دفاعات أيرلندا.

فبعد وقت قصير من هبوط طائرة زيلينسكي، حلّقت خمس طائرات مسيّرة مجهولة الهوية فوق سفينة تابعة للبحرية الأيرلندية، كانت مكلّفة بتأمين مسار رحلته.

لم تتمكن السفينة من إسقاط الطائرات أو تحديد مصدرها، قبل أن تختفي لاحقًا. وتشتبه السلطات بأن الطائرات كانت تُدار من سفينة مجهولة ظهرت في صور الأقمار الصناعية لوكالة الفضاء الأوروبية، فيما نفت السفارة الروسية أي دور في الحادث.

والحادثة اعتُبرت في دبلن إنذارًا استراتيجيًا خطيرًا، دفع الحكومة لتسريع الإصلاحات الدفاعية.

وتعاني أيرلندا من ضعف بنيوي في قدراتها الدفاعية منذ عقود. فأسطولها البحري يمتلك ثماني سفن فقط، لكن عدد الطواقم لا يسمح بتشغيل أكثر من سفينتين في الوقت نفسه، رغم امتلاكها مياهًا إقليمية شاسعة تضم بنية تحتية بحرية حساسة، وخطوط أنابيب تزود البلاد بثلاثة أرباع احتياجاتها من الغاز.

أما في مجال الدفاع الجوي، فلا تمتلك أيرلندا أي طائرات مقاتلة، ولا رادارات أو سونارات عسكرية متطورة، ما يجعل أجواءها عرضة لأي اختراق محتمل.

وأكدت ماكنتي أن الخطة الجديدة ستبدأ بسد أهم الثغرات بحلول عام 2028، وتتضمن تشغيل رادارات عسكرية متطورة بدءًا من العام المقبل وشراء أنظمة سونار جديدة للبحرية والحصول على ما يصل إلى 12 مروحية جديدة، بينها أربع من طرازات طلبت بالفعل من “إيرباص” إلى جانب تطوير وحدات للطائرات المسيّرة ووحدات مضادة لها.

وتزامن الإعلان مع نشر تقرير مستقل شارك في إعداده معهد IIEA في دبلن بالتعاون مع محللي شركة “ديلويت”، كشف عن ارتفاع كبير في مستوى التهديدات الأمنية التي تواجهها البلاد.

وأشار التقرير إلى أن الشركات الأمريكية متعددة الجنسيات العاملة في أيرلندا — وهي ركيزة الاقتصاد الأيرلندي — باتت معرضة لمخاطر الهجمات الإلكترونية والتجسس من قبل عملاء المخابرات الروسية والصينية والهندية.

ويمثل الاستثمار الضخم زيادة بنسبة 55% عن الالتزامات الدفاعية السابقة، ويعكس إدراكًا متزايدًا داخل دبلن بأن الحياد التقليدي لم يعد يوفّر مظلة حماية كافية في عالم يتجه نحو مزيد من المواجهات العسكرية والهجمات السيبرانية.

وبينما تستعد أيرلندا لرئاسة الاتحاد الأوروبي، تبدو الحكومة عازمة على التأكيد بأن “النقطة العمياء” القديمة في الدفاع الأوروبي تستعد أخيرًا لفتح عينيها بالكامل.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى