الاتحاد الأوروبي أمام أسبوع حاسم لإنقاذ أوكرانيا وقرض بـ210 مليارات يورو

يبدأ الاتحاد الأوروبي أسبوعًا وُصف بالمصيري في مساعيه لحماية أوكرانيا من تسوية سياسية تُعدّها العواصم الأوروبية «مهينة»، وسط ضغوط أمريكية متزايدة، وانقسامات داخلية أوروبية تهدد بإفشال خطة تمويل ضخمة بقيمة 210 مليارات يورو تهدف إلى إبقاء كييف صامدة اقتصاديًا وعسكريًا.
وتأتي هذه التحركات في لحظة سياسية حرجة تتقاطع فيها الدبلوماسية مع الحسابات الأمنية والمالية، قبل قمة أوروبية محورية في بروكسل يوم الخميس.
ويجتمع قادة أوروبيون بارزون، من بينهم رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر والمستشار الألماني فريدريش ميرز، في برلين مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي ومسؤولين أمريكيين، في محاولة أخيرة للتأثير على مسار مفاوضات السلام التي تقودها واشنطن مع موسكو.
ويُنظر إلى هذا اللقاء بوصفه اختبارًا لقدرة أوروبا على لعب دور سياسي مستقل، بعد تصريحات حادة من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وصف فيها القادة الأوروبيين بأنهم «يتحدثون كثيرًا ولا يُنتجون».
في خلفية هذه اللقاءات، يخوض دبلوماسيو الاتحاد الأوروبي في بروكسل معركة موازية لإقناع عدد متزايد من الدول الأعضاء المتحفظة بالموافقة على خطة القرض الضخم، الممول أساسًا من الأصول الروسية المجمدة.
وتشمل الخطة استخدام 185 مليار يورو مودعة لدى شركة «يوروكلير» في بلجيكا، إضافة إلى 25 مليار يورو مجمدة في دول أخرى، لتمويل احتياجات أوكرانيا العاجلة.
لكن الطريق إلى الإجماع يبدو وعرًا. فبلجيكا، التي تستضيف الجزء الأكبر من الأصول الروسية، لا تزال مترددة، فيما انضمت إيطاليا ومالطا وبلغاريا إلى مطالب البحث عن بدائل، في حين أعلن رئيس الوزراء التشيكي الجديد أندريه بابيش رفضه الصريح للخطة.
ورغم أن هذه الدول لا تشكل أقلية معطلة قانونيًا، إلا أن اعتراضاتها العلنية تقوض الزخم السياسي الذي تسعى المفوضية الأوروبية إلى بنائه قبل القمة.
وتزداد حساسية الأسبوع مع تحذيرات صريحة من الأمين العام لحلف شمال الأطلسي مارك روته، الذي قال إن روسيا «أعادت الحرب إلى أوروبا» وإن القارة باتت «في مرمى الخطر»، داعيًا إلى الاستعداد لسيناريوهات تصعيدية.
وتخشى عواصم أوروبية من أن أي فشل في التوصل إلى موقف موحد سيبعث برسالة ضعف إلى كييف وموسكو على حد سواء.
على طاولة برلين، سيحاول القادة الأوروبيون تعديل خطة السلام الأمريكية المثيرة للجدل، التي صاغها مبعوث ترامب ستيف ويتكوف بمساعدة مسؤولين من الكرملين.
وقد أثارت الخطة، المؤلفة من 28 بندًا، غضبًا واسعًا في كييف وأوروبا، خصوصًا ما يتعلق بمصير الأراضي الأوكرانية المحتلة.
وردًا على ذلك، قدمت أوكرانيا وحلفاؤها الأوروبيون مقترحًا بديلاً من 20 نقطة، يصرّ على أن أي نقاش حول الأراضي يجب أن يسبقه اتفاق واضح على ضمانات أمنية.
وفي تطور لافت، أبدى زيلينسكي استعدادًا للتخلي عن مطلب الانضمام إلى حلف الناتو، مقابل ترتيبات دفاعية جماعية مؤقتة وضمانات أمنية ثنائية مع الولايات المتحدة وشركاء أوروبيين ودول أخرى مثل كندا واليابان. ويُنظر إلى هذا الموقف كتنازل تكتيكي يهدف إلى كسب الوقت ومنع فرض تسوية قسرية.
ورغم التحركات المكثفة، لا تزال المخاوف قائمة من أن ينتهي الأسبوع دون اختراق حاسم، سواء على صعيد مسار السلام أو التمويل. ويقر دبلوماسيون أوروبيون بأن استمرار الانقسامات قد يفرض البحث عن «حلول بديلة»، في وقت تحتاج فيه أوكرانيا إلى الأموال بشكل عاجل قبل نهاية العام.
في المحصلة، يقف الاتحاد الأوروبي أمام لحظة اختبار تاريخية: إما أن يثبت قدرته على التأثير وحماية أمنه الجماعي عبر دعم أوكرانيا سياسيًا وماليًا، أو أن يكرّس صورة العجز والانقسام في مواجهة ضغوط واشنطن وموسكو.
وكما قال مسؤول ألماني رفيع، فإن قرار الأصول الروسية «سيحدد ما إذا كان الاتحاد الأوروبي لا يزال فاعلًا مؤثرًا… ولا يوجد خيار آخر».



